وها هو ذا ديسميوس تلس Decimius Tullus يهب تركوينياي Tarquinii حمامات تكلّفت ٥. ٠٠٠. ٠٠٠ سسترس؛ وها هي ذي كرمونا Cremona التي دمرها جنود فسبازيانلا تلبث أن يعاد بناؤها من تبرعات المواطنين. وتذكر النقوش إسمي طبيبين قدما كل ما يملكان هبات لنلمثلي. وفي أستيا التي كانت مزدحمة بالسكان دعا لوسليوس جمالا Lucilius Gemala جميع أهلها إلى الطعام ورصف فيها طريقاً طويلاً واسعاً، ورمم سبعة هياكل أو أعاد بناءها وأعاد بناء حمامات البلدية، ووهب خزانتها ثلاثة ملايين سسترس (٢٢).
وكان من عادة بعض الأغنياء أن يقيم الواحد منهم وليمة يدعو إليها قسماً كبيراً من المواطنين في عيد ميلاده أو لمناسبة إنتخابه إلى منصب عام، أو زواج إبنته، أو ارتداء إبنه الطوغة، دليلاً على بلوغه سن الرشد، أو تدشين بناء أهداه إلى المدينة. وكانت المدينة تجزي هذا المحسن على إحسانه بأن تعينه في منصب عام، أو تقيم له تمثالاً، أو تمتدحه بقصيدة أو نقش. ولم يكن الفقراء يشعرون بالذلّة حين ينالون هذه العطايا كلها، ذلك بأنهم كانوا يتهمون الأغنياء بأنهم لم يحصلوا على هذا المال الذي يفعلون به الخير إلا من طريق الاستغلال، ومن أجل هذا كانوا يتطلبون الاقتصاد في المباني الجميلة والتماثيل، ويلحون في تخفيض ثمن الحبوب والإكثار من الألعاب (٢٣).
وإذا أضفنا إلى هبات الأفراد، ما كان يهبه الأباطرة للمدن، وما كان يقام فيها بأموالهم من مبانٍ، وما يقدمونه لها من مال لتخفيف ما يحل بها من الكوارث، فضلاً عن الأعمال العامة والمناصب التي كانت تحوّل من خزائن البلديات، إذا فعلنا هذا بدأنا نحس بفخامة المدن الإيطاليّة في عهد حكومة الزعامة. لقد كانت شوارعها مرصوفة، وكان فيها مجارٍ لنقل المياه القذرة، وشرطة لحماية الأمن، وكثير من وسائل الزينة، وخدمة طبية مجانية للفقراء من أهلها، وماء نقي نظيف يصل إلى الدور في أنابيب نظير أجر قليل، وطعام يقدم