مساليا (مرسيليا) مدينة قديمة حين ولد قيصر، وبقيت يونانية بلغتها وثقافتها إلى آخر أيامه، وكانت فنون الزراعة، وغرس الأشجار، وزراعة الكروم، والثقافة اليونانية قد دخلت بلاد غالة من مرفأ هذه الفُرضة البحرية. وفيها بنوع خاص كانت أوربا الغربية تستبدل بغلاتها حاصلات بلاد اليونان والرومان، وكانت إلى هذا من أعظم مراكز الجامعات في الإمبراطوريّة، وكان أعظم ما اشتهرت به مدرسة الحقوق. وقد اضمحلّ شأنها بعد قيصر ولكنها ظلت ما كانت مدينة حرّة مستقلّة في شؤونها عن حاكم الولاية. وكان يليها من جهة الشرق فورم لولياي Forum Lulii (فريجو Frejus) ، وأنتبوليس Antipolis (أنتيب Antibes) ونيسيا Nicaea (ميس)، ويتألف منها كلها ولاية الألب البحرية الصغيرة. وإذا انتقل المسافر في نهر الرون من أرلات وصل إلى أفنيو Avenio (أفنيون الحديثة Avignon) وأروسيو Arausio (أورانج Orange) وقد بقي في هذه المدينة الأخيرة قوس عظيم من أيام أغسطس؛ وفيها أيضاً ملهى روماني ضخم لا تزال تمثل فيه مسرحيات قديمة.
وكانت أكبر ولايات غالة هي غالة اللجدونية، وسميت كذلك نسبة إلى عاصمتها لجدونم Lugdunum (ليون الحالية). وكانت هذه العاصمة تقع عند ملتقى الرون والساؤون وملتقى عدة طرق برية كبرى أنشأها أجربا، ولذلك أضحت المركز التجاري لإقليم غني وعاصمة لغالة كلها. وقد استطاعت بفضل ما قام فيها من صناعات الحديد والزجاج والخزف أن تقبل في القرن الأول الميلادي عدداً من السكان بلغ حوالي مائتي ألف (٤٠). وكان إلى شمالها بلدة كيلونم Cabillonum (شالون - على - الساؤون Chalon - sur - Saone) وقيصردونم Caesarodunum (تور Tours الحالية) وأغسطدونم Augustodunum (أوتون Outun الحالية) وسنابوم Cenabum (أورليان الحالية Orleans) ولورتيريا Luteria (باريس الحالية). وكتب الإمبراطور يوليان يصف هذه