فانقض عليها اللوبيون من الغرب في عام ٩٤٥ ق. م وعاثوا فيها فساداً يخربون ويدمرون، وفي عام ٧٢٢ ق. م غزاها الأحباش من الجنوب وثاروا لعبوديتهم القديمة؛ وفي عام ٦٧٣ اجتاحها الآشوريون من الشمال وأخضعوا لسلطانهم مصر التي كان يستبد بها الكهنة، وألزموها بأداء الجزية لهم. واستطاع أبسماتيك أمير شاو أن يرد الغزاة وقتا ما ويضم أجزاء مصر كلها تحت زعامته. وحدث في أثناء حكمه وحكم خلفائه نهضة في الفن، وشرع مهندسو مصر ومثالوها وشعراؤها يجمعون ما كان لمدارسهم من تقاليد في الفن والذوق، ويعدونها ليلقوها فيما بعد تحت أقدام اليونان. لكن الفرس بقيادة قمبيز عبروا برزخ السويس في عام ٥٢٥ ق. م وقضوا مرة أخرى على استقلال مصر. وفي عام ٣٣٢ ق. م اجتاحها الإسكندر من آسية وأخضعها لحكم مقدونية (١). وأقبل قيصر في عام ٤٨ ق. م ليستولي على الإسكندرية عاصمة مصر الجديدة، وليستولد كليوباترا ابناً ووارثاً كانا يأملان أملاً لم يتحقق أن يتوجاه ملكاً تخضع لسلطانه أكبر الإمبراطوريات القديمة. وفي عام ٣٠ ق. م أمست مصر ولاية تابعة لرومة واختفت من التاريخ القديم.
ونهضت البلاد مرة أخرى نهضة قصيرة الأجل حين عمر القديسون الصحراء وجر سير ل هيباشيا لتلقى حتفها في الشوارع (٤١٥ ب. م)، وحين فتحها المسلمون (حوالي ٦٥٠ ب. م) وبنوا القاهرة من أنقاض منفيس وملئوها بالقلاع والقباب الزاهية الألوان. ولكن هذه الثقافة وتلك كانتا في واقع الأمر ثقافتين أجنبيتين غير مصريتين ولم تلبثا أن زالتا.
(١) وتاريخ الحضارة المصرية القديمة في عهد البطالمة والقياصرة من الموضوعات التي سترد في مجلد تال.