هي التي تضع طراز الملابس وهي التي تصنعها. وكان لمرفئها العظيم تسعة أرصفة، يخرج منها أسطولها التجاري ليمخر عباب عدة بحار. وكانت المدينة فوق ذلك مركزاً للسياح، فيها الفنادق، والأدلاء، والمترجمون لاستقبال الزائرين القادمين إليها لمشاهدة الأهرام والهياكل الفخمة في طيبة. وكذلك شارعها الرئيسي يبلغ عرضه سبعة وستين قدماً، وتقوم على جانبيه العُمَد، والبواكي، والحوانيت المغرية تعرض أجمل التحف التي تنتجها الصناعات القديمة. وكان عند كثير من ملتقى الشوارع ميادين واسعة أو دوائر يسمونها الطرق "الواسعة" (Plateai) - ومنها اشتقّت الكلمة الإيطاليّة Piazza والكلمتان الإنجليزيتان Place، Plaza. وكانت مباني ذات روعة تزين الشوارع الرئيسية- دار تمثيل كبرى، ومصفق، وهياكل لبسيدن، وقيصر، وزُحل، وسرابيوم أو هيكل لسرابيس ذائع الصيت، وطائفة من مباني الجامعة اشتهرت في العالم كله باسم المتحف (الميوزيوم Museum أو بيت ربات الفن Muses) . وكانت المدينة مقسمة خمسة أقسام، خصّ قسم منها بأكمله تقريباً بقصور البطالمة، وحدائقهم، ومباني الإدارات الحكومية، وكان يقيم فيه في العصر الروماني حاكم المدينة. وفي هذا القسم دُفنت جثة الاسكندر الأكبر مؤسس المدينة في ضريح جميل الشكل، وقد وُضِعت في تابوت من الزجاج وحُفِظت من البلى في العسل.
وكان سكان المدينة خليطاً من اليونان، والمصريين، واليهود، والإيطاليين، والعرب، والفينيقيين، والفرس، والأحباش، والسوريين، والليبيين، والقليقيين، والسكوذيين، والهنود، والنوبيين، ومن شعوب البحر الأبيض كلّهم تقريباً. وكان يتألف منهم جميعاً خليط سريع الذوبان بعضه في بعض، سريع الالتهاب أيضاً، متشاحن، سيئ النظام، عظيم المهارة والذكاء، فكه غير محتشم، لا يستحي من فحش القول، متشكك، منحرف، غير مستمسك بالخلق الكريم، مرح، شديد الولع بالتمثيل، والموسيقى، والألعاب العامة. ويصف ديوكريستوم