للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقياس الأقواس، وذلك بأن قسّم نصف قدر الأرض ستين قسماً أولي صغيرة Partes minutae primal، هي التي صارت الدقائق عندنا، ثم قسّم كل واحدة من هذه الدقائق "أقساماً صغيرة ثانية" "الثواني" عندنا.

ووقع بطليموس في أخطاء كثيرة، ولكنه كان له بلا ريب مزاج العلماء الحقيقيين وصبرهم. وقد حاول أن يعتمد في استنتاجاته على الأرصاد وقلما كان هو صاحبها وقد قام في أحد الميادين بسلسلة طويلة من التجارب، ووُصِفَ كتابه البصريات Optica وهو دراسة في انكسار الضوء بأنه "أعظم البحوث التجريبية في التاريخ القديم" (٢٢). ومما هو جدير بالذكر أن هذا الرجل الذي يُعَد من أعظم العظماء في الفلك والجغرافية والرياضيات في عصره قد كتب أيضاً "أربعة كتب" Tetrabiblios فيما للنجوم من سلطان على حياة بني الإنسان.

وفي هذه الأثناء كان أرخميدس أصغر يهيئ للعالم القديم فرصة ثانية للقيام بانقلاب صناعي. وكان هذا الرجل مخترعاً أو جامعاً بارعاً وإن كنا لا نعرف عنه إلا اسمه الوحيد هيرون Hero. وقد أصدر هذا لرجل وقتئذ (١) في الإسكندرية سلسلة من الرسائل في الرياضة والطبيعة، بقي لنا عدد منها مترجماً إلى اللغة العربية وقد حذّر قرّاءه في صراحة بأن النظريات والاختراعات التي يعرضها عليهم ليست كلها من اختراعه، بل إنها قد تجمّعت على مدى القرون الطوال. ووصف في كتابه الديوبترا Dioptra آلة شبيهة بالمزواة Theodolite وصاغ عددا من القوانين لقياس الأبعاد التي بين الإنسان وبين النقط التي لا يستطيع الوصول إليها ومساحة هذه الأبعاد. وبحث في كتابه الحيَل Mechanisa في طريقة استخدام أدوات


(١) وهناك خلاف في تاريخ هذا العالم، فيولي وسوفا Pauay-Wissowa يحدده بعام ٥٠ ق. م، بينما يحدده هيبيرج Heiberg، وديل Diels، وهيث Heath بحوالي ٢٢٥ م.