للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون أن يوجّه إليه أسئلة (٣٧). وكان كثير الاعتماد على التغذية، والرياضة، والتدليك ولكنه كان خبيراً في العقاقير، كثير الأسفار للحصول على الأدوية النادرة. وندّدَ باستخدام البراز والبول في العلاج، وكان ذلك لا يزال شائعاً عند بعض معاصريه (٣٨)، وأوصى باستعمال الكداس الجاف (١) لمعالجة المغص، ووضع روث المعز على الورم، وترك ثبتاً طويلاً بالأمراض التي يمكن علاجها بالترياق (٢) - وهو دواء ذائع الصيت في ذلك الوقت صنع لمثرداتس الأكبر ليقاوم به السم، وكان يقدّم لماركس أوليوس كل يوم ويدخل فيه لحم الأفاعي (٣٩).

لكنه لوّث سجلّه الحافل بالتجارب وشهرته فيها بسيل من النظريات التي تعجّل في وضعها. وكان يسخر من السحر والرقى، ويقبل التنبؤ بالغيب عن طريق الأحلام، ويظن أن أوجه القمر تؤثر في أحوال المرضى؛ وصدّق فكرة أبقراط عن الأخلاط الأربعة (الدم، والبلغم، والسائل الصفراوي الأسود الأصفر) (٣)، وعمل على سرعة انتشار عقيدة فيثاغورس في الأركان (العناصر) الأربعة (التراب، والهواء، والنار، والماء)، وحاول أن يرد الأمراض كلها إلى اختلال في تلك الأخلاط أو هذه الأركان. وكان قوي الاعتقاد بوجود الروح، مؤمناً بأن النفس (pneuma) أو النفَس الحيوي أو الروح تسري في كل جزء من أجزاء الجسم، وتبعث فيه النشاط والحركة. وكان كثيرون من الأطباء قد أخذوا يفسّرون نظريات علم الأحياء تفسيراً آلياً؛ ومن هؤلاء أسكلبياديز الذي كان يرى أن علم وظائف الأعضاء يجب أن يُنظر إليه على أنه فرع من الطبيعة، ولكن جالينوس اعترض على هذه الفكرة؛ وقال إن الآلة ليست إلا مجموعة


(١) بق متجانس الأجنحة.
(٢) يُسمّى أيضاً الذرياق، والدرياج، والطرياق واللفظ يوناني معرّب (شَرَف).
(٣) لقد عاد الطب الحديث يؤكد شدة أهمية إفرازات الغُدد.