يعالجون الناس بما يبدو في نظرهم أنه من المعجزات. من ذلك أن الاسكندر الأبونوتيكي Alexander of Abonoteictus قد درّب أفعى على أن تخفي رأسها تحت ذراعه، وتقبل أن يثبت في ذيلها قناع شبيه بوجه الإنسان، ثم أعلن أن الأفعى هي الإله أسكلبيوس، وأن هذا الإله قد جاء إلى الأرض لينبئ الناس بما سوف يقع في المستقبل، وقد استطاع أن يجمع ثروة طائلة بتفسير الأصوات الحادثة من الأعشاب التي يضعها في رأسها المستعار (٩٩).
وأكبر الظن أنه كان إلى جانب هؤلاء المشعوذين آلاف من المبشرين المخلصين المؤمنين بالعقائد الوثنية. وقد صوّرفيلوستراتس في أوائل القرن الثالث صورة مثالية لأحد هؤلاء المبشرين في كتابه حياة أبولونيوس التيانائي of Tyana؛ فوصفه بأنه حين بلغ السادسة عشرة من عمره قيد نفسه بقيود الأخوان الفيثاغوريين الصارمة، فحرّم على نفسه الزواج، وأكل اللحم، وشرب الخمر، ولم يحلق لحيته قط، وامتنع عن الكلام خمس سنين كاملة (١٠٠)، ووزع المال الذي تركه ولده والده على أقاربه، وأخذ يطوف، كما يطوف الرهبان المعدمون، في فارس ومصر، وغربي آسية، وبلاد اليونان، وإيطاليا؛ وأتقن علوم المجوس، والبراهمة، والزهّاد المصريين. وكان يزور هياكل الأديان على اختلافها، ويدعو كهنتها إلى الامتناع عن التضحية بالحيوان، ويعبد الشمس؛ ويؤمن بجميع الآلهة، ويعلم الناس أن من ورائها كلها إله واحد أعلى لا يحيط به العقل، وكانت حياة التقى وإنكار الذات التي فرضها على نفسه مما جعل أتباعه يدّعون أنه إبن إله، أما هو فلم يكن يصف نفسه بأكثر من أنه إبن أباونيوس. وتعزو إليه الروايات المتواترة كثيراً من المعجزات: فقد كان الناس يقولون إنه من خلال الأبواب المغلقة، ويفهم جميع اللغات، ويطرد الشياطين، وإنه رفع بنتاً من بين الأموات (١٠١). لكنه في واقع الأمر فيلسوفاً أكثر منه ساحراً،