وفي ذلك يقول يوسفوس:"لسنا أمّة تجارية؛ فنحن نعيش في بلد (بلاد اليهود الشرقية) عديم السواحل، ولا نميل إلى الاشتغال بالتجارة (الخارجية") (٢٢). وظلت الأعمال المالية ضيقة النطاق حتى ألغي هلل Hillel القانون الوارد في سفر تثنية الإشتراع (الاصحاح الخامس عشر ١ - ١١) والذي يطلب فيه إلغاء الديون مرة كل سبع سنين، وكان الهيكل نفسه مصرفهم القومي.
وكان في داخل الهيكل بهو الجازيث، ملتقى السنهدرين أو المجلس الأعظم المكون من كبراء إسرائيل. وأكبر الظن أن هذا المجلس قد نشأ في أثناء حكم السلوقيين (حوالي عام ٢٠٠ ق. م) ليحل محل المجلس الأول الوارد ذكره في سفر العدد (الآية السادسة عشرة من الاصحاح الحادي عشر) والذي يسدى فيه النصح لموسى. وكان الحاخام الأعظم هو الذي يختار في بداية الأمر أعضاء المجلس من بين طبقة الأشراف الكهنوت، ثم أصبح من حقه في عهد الرومان أن يختار أعضاؤه لعضويته عدداً متزايداً من الفريسيين، وعدداً قليلاً من فقهاء الشريعة الموسوية المحترفين (٢٣). وكان أعضاؤه البالغ عددهم واحداً وسبعين عضواً يُدعون أنهم أصحاب السلطة العليا على جميع اليهود أياً كان موطنهم، وكان اليهود المستمسكون بدينهم في كل مكان على الأرض يعترفون لهم بهذه السلطة؛ أما الهسمونيين؛ وهيرود، وروما فلم يكونوا يعترفون لهم إلا بسلطانهم على من يخرج على الشريعة اليهودية من يهود بلادهم الأصلية، فقد كان في وسعهم أن يحكموا بالإعدام على من فيها من اليهود إذا ارتكبوا جريمة دينية، ولكنهم لم يكونوا يستطيعون تنفيذ الحكم إلا إذا وافقت عليه السلطة المدنية (٢٤).
وكان في الجمعية حزبان يتنازعان السيطرة عليها، كما يتنازعان السيطرة على معظم الجمعيات الأخرى، أحدهما حزب المحافظين الذين يتزعمهم كبار الكهنة والصدوقيون (١)، والذين سموا بهذا الاسم نسبة إلى صدوق مؤسس هذه الطائفة
(١) شيعة من اليهود الأرستقراط المتشككة عاشت في أيام العهد الجديد لا تعتقد بالبعث ولا بالدار الآخرة. (المترجم)