للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الجماهير في الفوضى التي تعقب عملهم هذا (٥٢). ولما أن اغتصب فلورس سبع عشر وزنة (٦١. ٢٠٠ ريال أمريكي) من كنوز الهيكل، اجتمع أمامه جمهور غاضب يطلبون عزله؛ وأخذ جماعة من الشبان يطوفون بالمدينة وبأيديهم سلاّت يطلبون الصدقات له لأنه يعاني مرارة الفقر. لكن فيالق فلورس بددت شمل المجتمعين، ونهبت مئات من البيوت، وذبحت ساكنيها، وقبض على زعماء الفتنة، وجُلدوا وصُلبوا. ويقول يوسفوس إن ٣. ٦٠٠ يهودي قتلوا في ذلك اليوم (٥٣). وأخذ شيوخ العبرانيين وأثرياؤهم يدعون الناس إلى الصبر، وحجتهم في هذا أن الثورة على هذه الإمبراطوريّة القوية ليست إلا انتحاراً قومياً؛ أما الشبان والفقراء فكانوا يتهمون هؤلاء بخور العزيمة ومحاباة الظالمين.

وانقسمت المدينة، وانقسمت كل أسرة تقريباً بين هذين الحزبين، فاستولى أحدهما على الجزء الأعلى من أورشليم، واستولى الآخر على جزئها الأدنى، كلاهما يهاجم الآخر بكل ما يصل إلى يده من سلاح. ووصل الأمر في عام ٦٨ إلى نشوب معركة دامية بين الحزبين انتصر فيها المتطرفون وقتلوا ١٢. ٠٠٠ يهودي من بينهم الأغنياء كلهم تقريباً (٥٤). وهكذا استحالت الفتنة ثورة. وأحاطت قوة من العصاة بالحامية الرومانية المعسكرة في مسادا Massada، وأقنعتها بأن تلقي سلاحها، ثم قتلت رجالها عن آخرهم. وفي ذلك اليوم نفسه حدثت في قيصرية عاصمة فلسطين مذبحة هائلة ذبِح فيها غير اليهود من السكان عشرين ألفا من اليهود، وبيع آلاف غيرهم بيع الرقيق. وذبح غير اليهود من سكان دمشق عشرة آلاف يهودي في يوم واحد (٥٥). وقام اليهود المختفون بتدمير عدد كبير من المُدن اليونانية في فلسطين وسوريا، وأحرقوا بعضها عن آخرها، وقتلوا عدداً كبيراً من أهلها كما قُتل منهم هم أيضاً كثيرون؛ ويقول يوسفوس في هذا: "وكان من المناظر المألوفة في ذلك الوقت أن نرى المُدن مملوءة بجثث الموتى … مُلقاة فيها دون أن تدفن، وأن نشاهد جثث الشيوخ إلى جانب