جاز أن نسميه رجلاً، لأنه كان يأتي بأعمال عجيبة، ويعلم الناس، ويتلقى الحقيقة وهو مغتبط. وقد إتبعه كثيرون من اليهود وكثيرون من اليونان. لقد كان هو المسيح"؟
قد تنطوي هذه السطور العجيبة على أصل صادق صحيح؛ ولكن هذا الثناء العظيم الذي يثنى به على المسيح يهودي يريد به الزلفى للرومان أو اليهود- وكانا كلاهما يناصبان المسيحية العداء في ذلك الوقت -، نقول إن هذا الثناء لما يبعث الريبة في هذه الفقرة، ولذلك يرفضها علماء المسيحية، ولا يكادون يشكون في أنها مدسوسة على يوسفوس (٣). وفي التلمود إشارات إلى يسوع الناصري، ولكنها من عهد متأخر جداً يجعلها مجرد ترديد الأصداء والأفكار المسيحية (٤). وأقدم ما لدينا من إشارات إلى المسيح في أدب الوثنيين ما ورد في خطاب كتبه بلني الأصغر (حوالي ١١٠)(٥)، يستشير فيه تراجان عما يعامل به المسيحيين (١) وبعد خمس سنين من ذلك الوقت وصف تاستس (٦) إضطهاد نيرون للكرستياني Christiani في رومة ويقول انهم في ذلك الوقت كان لهم أتباع في جميع أنحاء أوربا. وهذه الفقرة شبيهة بكتابات تاستس في أسلوبه، وقوته، وتحيزه شبها له يرتب معه أحد من الباحثين إلا درور وحده في صدورها من هذا الكتاب (٧). ويذكر روتونيوس (حوالي ١٢٥) خبر هذا الاضطهاد نفسه (٨)، كما يذكر نفي كلوديوس (حوالي ٥٢) "اليهود الذين أثاروا اضطرابات عامة بتحريض المسيح (Impuisore Chresto) " (٩) . وتتفق هذه الفقرة اشد الاتفاق مع ما ورد في إصحاح أعمال الرسل من أن كلوديوس أصدر مرسوماً أوجب فيه على "اليهود أن يخرجوا من روما" (١٠). وهذه الإشارات كلها تثبت وجود المسيحيين لا المسيح نفسه؛ ولكننا إذا لم نسلم بوجود المسيح فلا مناص لنا من أن نأخذ بالفرض
(١) نقلنا هذه الفقرة بعد؟ ونجد نص الخطاب في الجزء الأول من كتابنا "أشهر الرسائل العالمية". (المترجم)