الضعيف جداً وهو أن شخصية يسوع قد اخترعت اختراعاً في جيل واحد؛ ولابد لنا من أن نفترض فوق ذلك أن الجالية المسيحية وجدت في روما قبل عام ٥٢ ببضع سنين، وإلا لما كانت خليقة أن يصدر بشأنها مرسوم إمبراطوري. ويقول ثالس Thallus وهو كاتب وثني عاش في منتصف ذلك القرن الأول في هتامه من كتاب احتفظ لنا بها يويوس افركانس (١١) إن الظلمة العجيبة التي يقال إنها حدثت وقت موت المسيح، كانت ظاهرة طبيعية محضة، ولم تكن أكثر من مصادفة عادية. أما وجود المسيح فهو عند هذا الكاتب قضية مسلم بها مفروغ من صحتها. وقصارى القول أن نكران ذلك الوجود لم يخطر على ما يظهر لأشد المخالفين لليهودية أو لليهود المعارضين للمسيحية الناشئة في ذلك الوقت.
أما الأدلة المسيحية على وجود المسيح فتبدأ إلى الرسائل المعزوة إلى القدّيس بولص. وبعض هذه الرسائل لا يعرف كاتبها معرفة أكيدة، ومنها عدة رسائل- تؤرخ بعام ٦٤ م ولكنها كتبت في الحقيقة بعد ذلك التاريخ- لا يكاد يختلف الباحثون في أنها في جوهرها من كتابات بولص. ولم يشك أحد قط من وجود بولص نفسه أو في لقائه الكثير لبطرس، ويعقوب، ويوحنا؛ ويعترف بولص بأن هؤلاء الرجال قد عرفوا المسيح في أثناء حياته ويحسدهم على هذه المعرفة (١٢). وكثيراً ما تشير الرسائل المعترف بنسبتها إليه إلى العشاء الأخير (١٣) وإلى حادث الصلب (١٤).
هذا ما كان من أمر المسيح نفسه، أما الأناجيل فليس أمرها بهذه السهولة. ذلك أن الأربعة أناجيل التي وصلت إلينا هي البقية الباقية من عدد أكبر منها كثيراً، كانت في وقت ما منتشرة بين المسيحيين في القرنين الأول والثاني. واللفظ الدال على الإنجيل " Gospel" (وهو في اللغة الإنكليزية القديمة Gopspel أي أخبار طيبة) ترجمة للفظ اليوناني Euangelion والذي يبدأ به إنجيل مرقس