ومعناه "أخبار سارة"- هي أن المسيح قد جاء، وأن ملكوت الله قريبة المنال. وأناجيل متى، ومرقس، ولوقا، يمكن الإحاطة بها بنظرة واحدة: ذلك بأن محتوياتها وحوادثها يمكن ترتيبها في أعمدة متوازية "والنظر إليها كلها مجتمعة"؛ وقد كتبت كلها باللغة اليونانية الدارجة، ولم تكن نماذج طيبة في النحو أو في الصقل الأدبي. بيد أن ما في أسلوبها السهل من قوة وإيصال المعاني عن أقرب طريق، وما في تشبيهاتها والصور التي ترسمها من وضوح، وما في الاحساسات التي تصورها من عمق، وما في القصص التي ترويها من روعة، كل هذا يكسبها حتى في صورتها الأصلية الفجة جمالاً فذاً، زاده قوة عند العالم الإنجليزي الترجمة العظيمة البعيدة كل البعد عن الدقة، والتي وضعت للملك جيمس.
وترجع أقدم النسخ التي لدينا من الأناجيل الأربعة إلى القرن الثالث. أما النسخ الأصلية فيبدو أنها كتبت بين عامي ٦٠، ١٢٠ م، ثم تعرضت بعد كتابتها مدى قرنين من الزمان الأخطاء في النقل، ولعلها تعرضت أيضاً لتحريف مقصود يراد به التوفيق بينها وبين الطائفة التي ينتمي إليها الناسخ أو أغراضها. والكتّاب الذين عاشوا قبل نهاية القرن الأول الميلادي لا ينقلون قط شيئاً عن العهد الجديد، بل كان ما ينقلونه مأخوذ من العهد القديم ولسنا نجد إشارة لإنجيل مسيحي قبل عام ١٥٠ إلا في كتاب ببياس Papias الذي كتب في عام ١٣٥ إذ يقول أن "يوحنا الأكبر"- وهو شخصية لم يستطع الاستدلال على صاحبها- قال إن مرقس ألّف إنجيله من ذكريات نقلها إليه بطرس (١٥). ويضيف ببياس إلى هذا قوله:"وأعاد متّى كتابة الكلمات بالعبرية"- ويبدو أن هذا الإنجيل مجموعة آرامية من أقوال المسيح. والراجح أن بولص كانت لديه وثيقة من هذا النوع، وذلك لأنه ينقل أحياناً كلمات يسوع