للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رب الجنود .. أما اختار الله فقراء هذا العالم … ورثة الملكوت؟ " (١٠). ويضيف إلى هذا أن الغني سيذبل كما تذبل الأزهار في حر الشمس اللافح (١١).

وسرى فيما اعتاده المسيحيون من تناول وجبة الطعام المشتركة عنصر من عناصر الشيوعية؛ فقد كان المسيحيون الأولون يجتمعون كثيراً في عيد الحب Agape ويكون ذلك عادة في مساء يوم أحد السبوت. وكان العشاء يبدأ وينتهي بالصلاة وقراءة بعض فقرات من الكتاب المقدس، وكان القس يبارك الخبز والخمر. ويبدو أن المؤمنين كانوا يعتقدون أن الخبز والخمر كانا هما لحم المسيح ودمه، أو أنهما يُمثّلان لحمه ودمه (١٢). وكان عباد ديونيشس، وأئيس، ومثراس يؤمنون بما يشبه هذه العقائد في المآدب التي يأكلون فيها الأجساد المسحورة لآلهتهم أو رموز هذه الأجساد (١٣). وكانت آخر مراسم عيد الحب هذا هي "قبلة الحب" وكانت هذه القبلة في بعض المجتمعات يتبادلها الرجال فيما بينهم أو النساء فيما بينهن، لكن هذا القيد الثقيل لم يكن يراعى في البعض الآخر، ثم وجد كثيرون من المشتركين في هذا الحفل البهيج أن فيه من الملذات ما يأباه الدين، وندد ترتليان وغيره بما أدى إليه من الإباحية الجنسية (١٤). وكانت الكنيسة توصي بألا تفتح الشفاه في أثناء التقبيل، وألا تتكرر القبلة إذا أعقبتها لذة (١٥). وأخذ عيد الحب يختفي تدريجياً في القرن الثالث.

وفي وسعنا أن نصدق ما كان يعتقده الأقدمون من أن أخلاق المسيحيين الأولين كانت مثالاً يزدجر به العالم الوثني على الرغم من هذا الحادث السالف الذكر وأمثاله، وعلى الرغم من تشهير الوعاظ الذين كانوا يطلبون إلى المؤمنين أن ينشدوا الكمال. لقد استطاعت هذه المبادئ الأخلاقية السماوية أن تهذّب ما في الإنسان من غرائز حيوانية، وتضع له قانوناً أخلاقياً صالحاً للحياة، مهما يكن الثمن الذي تقاضته من حرية العقل والتفكير، وذلك بعد أن ضعفت الأديان