للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القديمة وزال ما كان لها من أثر ضئيل في تدعيم الحياة الخلقية، وبعد أن أخفقت المحاولات التي بذلتها الرواقية لإيجاد قانون أخلاقي قريب من القانون الطبيعي، فلم يكن لها أثر إلا في الصفوة المختارة من الناس. لقد كان الاعتقاد بحلول ملكوت الله ينطوي كذلك على الاعتقاد بوجود حاكم عادل مطلع على جميع أعمال البشر، يعلم ما تخبئه الصدور، لا يعزب عنه مثقال ذرة، ولا يستطيع أحد أن يفر منه أو يخدعه. يُضاف إلى هذه الرقابة القدسية رقابة أخرى من الناس بعضهم على بعض. ذلك أن الذنوب لم يكن من السهل إخفاؤها في هذه الجماعات الصغيرة، وأن المجتمع كان يوجه أشد اللوم علناً لمن يكشف أمرهم ممن يخالفون من أعضائه القانون الأخلاقي الجديد. وقد حرم على المسيحيين الإجهاض ووأد الأطفال وهما اللذان كانا يقضيان على عدد كبير من أفراد المجتمعات الوثنية، وسوى بينهما وبين القتل العمد (١٦). وكثيراً ما أنقذ المسيحيون الأطفال الذين تركوا في العراء ليقضوا نحبهم، وعمّدوهم، وربوهم مستعينين بما كان يقدم لهم من عون من مال الجماعة العام (١٧). كذلك حرمت الكنيسة على المسيحيين الذهاب إلى الملاهي، أو مشاهدة الألعاب العامة، أو الاشتراك في الحفلات التي تقام في الأعياد الوثنية، وإن لم تفلح في هذا بقدر ما أفلحت في تحريم الإجهاض ووأد الأطفال (١٨). وقصارى القول أن المسيحية أيدت وشددت ما كان لدى اليهود المتأهبين للقتال من صرامة أخلاقية. وكانت توصي بالعزوبة وبقاء البنات أبكاراً وتعد ذلك من المثل الأخلاقية العليا؛ ولم يكن بالزواج إلا لأنه مانع من الإباحية الجنسية، ولأنه وسيلة سخيفة لحفظ النسل. ولكن الزوج والزوجة كانا يشجعان على الامتناع عن العلاقات الجنسية (١٩). أما الطلاق فلم يكن يسمح به إلا إذا كان أحد الزوجين وثنياً وأراد أن يلغي زواجه بمن اعتنق المسيحية. وكانت الكنيسة تقاوم زواج الأرامل من النساء والرجال، وقد حرم اللواط وذم ذماً قل أن