خطيئة يعاقب عليها بالإعدام، (كالزنى، والقتل، والردة) ثم أعلنوا توبتهم. أما هبوليتس فكان يرى أن هذا التساهل مضر أشد الضرر بالدين، وكتب دحضاً لجميع البدع مع تأكيد هذه البدعة بنوع خاص؛ فما كان من كالستس إلا أن أعلن حرمانه، وأنشأ للكنيسة إدارة حازمة، وثبّت دعائم سلطة كرسي روما الأسقفي على جميع العالم المسيحي.
وانتهى انشقاق هيبوليتس في عام ٢٣٥؛ ولكن قسيسَين هما نوفاتشس Novatus في قرطاجنة ونوفاتيان Novatian في روما- أعادا هذه البدعة في أيام البابا كرنليوس Cornelius (٢٥١ - ٢٥٣) ، فأقاما كنائس منشقة محرمة تحريماً قطعياً على الذين يرتكبون الذنوب بعد التعميد. أخرج مجلس قرطاجنة برياسة سبريان Cyprian، ومجلس روما برياسة كرنليوس هاتين الشيعتين المنشقتين من الكنيسة المسيحية. وكانت استعانة سبريان بكرنليوس سبباً في تقوية البابوية؛ لكن الشقاق دب بين الكنيستين بعد قليل، وكان سببه أن البابا استيفن (٢٥٤ - ٢٥٧) قرر أن لا ضرورة لتعميد مَن يعتنقون المسيحية من الطوائف غير المؤمنة، فعقد سبريان مَجمعا ينياد من أساقفة أفريقية تولى رياسته بنفسه ورفض هذا القرار. وفعل استيفن ما فعله كاتو من قبل فأعلن حرمان أولئك الأساقفة على بكرة أبيهم وشن عليهم حرباً شعواء؛ ولكن موته العاجل سكن هذا النزاع إلى حين، وحال دون انشقاق كنيسة أفريقية القوية.
وظل كرسي روما يزداد قوة على قوة في كل عقد من العقود التالية رغم تجاوزه حقوقه في فترة ونكوصه في فترة أخرى؛ وكان ثراؤه وكثرة أصدقائه العامة مما رفع مكانته؛ وكان العالم المسيحي بأجمعه يستشيره في كل ما يصادفه من المشاكل الخطيرة؛ وكان هو يقدم من تلقاء نقسه على تحريم البدع والضلالات ومقاومتها، وعلى تحديد ما يجب الاعتراف به من الأسفار المقدسة.