للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن "يمثل كل شخص للشعائر الرومانية، وحرم كل الاجتماعات المسيحية، وعصى البابا سكستس Sixtus هذا الأمر فأعدم هو وأربعة من شمامسته، وكذلك قطع رأس سبريان أسقف قرطاجنة، وحرق أسقف طراقونة حياً، وفي عام ٢٦١ نشر جالينوس، الذي جلس على العرش بعد أن أزال عنه الفرس فليريان، أول مرسوم يقضي بالتسامح الديني اعترف فيه بأن المسيحية من الأديان المسموح بها وأمر أن يرد إلى المسيحيين ما صودر من أملاكهم، وحدثت اضطهادات خفيفة في السنين الأربعين التالية، ولكن هذه السنين كانت في معظمها سني هدوء ونماء سريع للمسيحية لم ترَ لها مثيلاً من قبل، فقد كان الناس في خلال الفوضى والرعب السائدين في القرن الثالث يفرون من الدولة الواهية المزعزعة الأركان إلى الدين يجدون فيهم سلواهم، وقد وجدوا هذه السلوى في المسيحية أكثر مما كانوا يجدونها في غيرها من الأديان المنافسة لها واعتنق المسيحية وقتئذ عدد من الأغنياء، فشادت كنائس فخمة، وأجازت لأبنائها أن يستمتعوا بطيبات العالم، وخبت نار الأحقاد الدينية بين الأهلين، وأصبح المسيحيون أكثر حرية في الاختلاط بالوثنيين بل انهم تزوجوا منهم، وبدا أن ملكية دقلديانس الشرقية قدر لها أن تعزز الأمن والسلام في الدين وفي السياسة على السواء.

بيد أن جليريوس كان يرى أن المسيحية هي آخر العقبات القائمة في سبيل السلطة المطلقة، فأخذ يحرض رئيسه على أن يجعل العودة إلى العهود الرومانية السابقة عودة كاملة، وذلك بإرجاع الآلهة الرومانية إلى منزلتها القديمة. وتردد دقلديانوس في الأخذ بهذه المشورة، لأنه كان عازفاً عن ركوب أخطار لا موجب لها، ولأنه كان أكثر من جليريوس تقديراً لثقل العبء. ولكن حدث في يوم من أيام القربان الإمبراطوريّة أن رَسَمَ المسيحيون علامة الصليب ليتقوا شر الشياطين الخبيثة؛ ولما أن عجز العرافون عن أن يجدوا في أكباد الحيوانات المذبوحة العلامات التي كانوا يرجون تفسيرها ألقوا الذنب على وجود أشخاص