للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدقيقة التي تم بها صنع الإنسان، ولكنها تتفق كلها بوجه عام في أن القول بأن الإله صنع الإنسان من قطعة من الطين، وهي لا تصفه بأنه كان يعيش في بادئ الأمر في جنة بل تقول إنه كان يعيش عيشة حيوانية في جهل وبساطة حتى جاءه وحش مهول يدعى أونس نصف سمكة ونصف فيلسوف، وعلمه الفنون والعلوم وتخطيط المدن ومبادئ القانون؛ ولما علمه إياها نزل إلى البحر وكتب كتاباً في تاريخ الحضارة (٧٩). غير أن الآلهة لم تلبث أن غضبت على الناس الذين خلقتهم، فأرسلت عليهم طوفاناً عارماً لتهلكهم وتمحو به سيئ أعمالهم. وأشفق إي إله الحكمة على البشر واعتزم أن ينجي منهم على الأقل رجلاً واحداً هو شمش- نيشتين وزوجته. "وظل الطوفان مهتاجاً؛ وغص البحر بالخلق كأنهم سرء السمك". ثم بكت الآلهة على حين غفلة وعضت بنان الندم على غفلتها وسوء تدبيرها وتساءلت "عمن سيقرب لها القربان المعتاد؟ "، ولكن شمش- نيشتين كان قد بنى فلكاً ونجا من الطوفان وحط على جبل نزير، وأرسل يمامة تستطلع؛ ثم قرر أن يقرب القربان للآلهة، وقبلت الآلهة قربانه وهي مندهشة شاكرة. "وشمت الآلهة الرائحة، شمت الآلهة الرائحة الزكية، واجتمعت كالذباب فوق القربان" (٨٠).

وأجمل من هذه الذكرى الغامضة، ذكرى الطوفان المخرب، أسطورة إشتار وتموز. وكان تموز حسب نص القصة السومري أخاً أصغر لإشتار، أما في النص البابلي فهو أحياناً حبيبها وأحيانا ابنها. ويلوح أن كلا النصين قد سرى إلى أسطورة فينوس (الزهرة) وأدنيس، وأسطورة دمتر وبرستون، وإلى عشرات العشرات من القصص الأخرى التي تتحدث عن الموت والبعث. وتموز هذا، ابن الإله العظيم إي، راع يرعى غنمه تحت أريد الشجرة العظيمة (التي تغطي الأرض كلها بظلها)، وبينما هو يرعاها إذا شغفت بحبه إشتار، وهي دوماً ظمأى إلى الحب، واختارته زوجاً لها في شبابها. ولكن خنزيراً برياً يطعن تموز طعنة