عادة لرجال الشرطة، يشترى هدوؤهم بالألعاب وسباق الخيل، وبما يوزع عليهم في كل يوم من الخبز أو الحبوب التي تبلغ ثمانين ألف مكيال، ليظلوا هادئين مسالمين. وكانت أحط طبقات المجتمع في القسطنطينية، كما كانت أحطها في سائر أنحاء الإمبراطورية، طبقة الأرقاء، وكان عددهم وقتئذ أقل من عددهم في روما أيام قيصر، وكانوا يلقون من المعاملة خيراً مما كانوا يلقونه في أيامه بفضل شرائع قسطنطين وتأثير الكنيسة التي خففت عن كاهلهم كثيراً من الأعباء، وأشعرت سادتهم الرحمة بهم والإشفاق عليهم.
وكان السكان الأحرار يخرجون من أعمالهم في مواسم معينة، ويجتمعون في ميدان السباق، فَيَغُص بهم على سعته. وكان في هذا الميدان مدرج طوله خمسمائة وستون قدماً وعرضه ثلثمائة وثمانون، وتتسع القاعدة لعدد من النظارة يتراوح بين ثلاثين ألفاً وسبعين (٧)، يحميهم عن المجتلد خندق ذو شكل إهليلجي؛ وكان في وسعه خلال الفترات التي بين الألعاب أن يتنزهوا في طريق ظيل ذي خطار من الرخام طوله ٢٧٦٦ قدماً (٨). وكان يخترق مضمار السباق جدار منخفض يمتد في وسطه في أكبر طوليه من إحدى نهايتيه إلى الأخرى ويسمى الأسبينا Spina أو عموده الفقري؛ وقد صفت التماثيل على جانبيه، وقامت في وسطه مسلة من مسلات الملك تحتمس الثالث جيء بها من مصر. وكان في طرفه الجنوبي عمود مكون من ثلاث جهات من البرنز ملتوية بعضها على بعض. أقيم في بادئ الأمر في دلفي تخليداً لذكرى معركة بلاثيه Plataea (٤٧٩ ق. م)؛ ولا تزال المسلة والعمود قائمين حتى الآن. وقد ازدانت الكاثزما Rathisma أي مقصورة الإمبراطور في القرن الخامس بتماثيل لأربعة جياد من البرنز المذهب من عمل ليسيوس في الزمن القديم. وفي هذا المضمار كان يحتفل بالأعياد القومية العظيمة فتسير فيه المواكب، وتقام المباريات الرياضية، والألعاب البهلوانية، وتقتتل الحيوانات وتصاد، وتعرض الوحوش والطيور الأجنبية الغريبة. وبفضل التقاليد