للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دامت يومين، هزم فيها أربوجاست وأوجينوس (٣٩٤)؛ فأما أوجينوس فقد ذبح بعد أن أسلمه جنوده، وأما أربوجاست فقد قتل نفسه بيده. واستدعى ثيودوسيوس ابنه هونوريوس Honorius وهو غلام في الحادية عشرة من عمره ليقيمه إمبراطور على الغرب، ورشح ابنه أركاديوس Arcadius البالغ من العمر ثماني عشر سنة ليكون إمبراطور معه على الشرق ثم مات بعدئذ في ميلان منهوكاً من كثرة الحروب (٣٩٥) ولما يتجاوز الخمسين من عمره. وانقسمت بعد موته الإمبراطورية التي طالما وحدها، ولم يجتمع شملها مرة أخرى بعد ذلك الوقت إلا في فترة قصيرة تحت حكم جستنيان.

وكان ولدا ثيودوسيوس شخصين ضعيفين مخنثين، درجا في مهد الأمن والدعة الموهن للعزيمة، فلم يكونا خليقين بأن يوجها سفينة الدولة فيما يحيط بها من عواصف، وإن كانت أخلاقهما لا تقلان طيبة عن نواياهما. وسرعان ما أفلت زمام الأمور من أيديهما، وأسلما أعمال الدولة الإدارية والسياسة -إلى وزيرهما- إلى روفينوس Rufinus المرتشي الشره في الشرق، وإلى استلكو القدير المجرد من الضمير في الغرب. ولم يلبث هذا الشريف الوندالي أن زوج ابنته مارية Maria بهونوريوس في عام ٣٩٨ راجياً أن يصبح بهذا الزواج جداً لإمبراطور وصهراً لآخر. ولكن هونوريوس أثبت أنه مجرد من العاطفة تجره من الفطنة، فكان يقضي وقته في إطعام الدجاج الإمبراطوري ويحبو هذا الدجاج بحبه وعطفه، حتى ماتت مارة عذراء بعد أن لبثت زوجة عشرة سنين (١٣).

وكان ثيودوسيوس قد جعل القوط يجنحون إلى السلم باستخدامهم في الحرب، وبتقديم معونة سنوية من المال لهم بوصفهم حلفاء له؛ ولكن خلفه قطع عنهم هذه المعونة، ولما جاء استلكو سرح جنوده الوط؛ وقام المحاربون المتعطلون يطلبون المال والمغامرات وهيأ لهم ألريك زعيمهم الجديد كليهما واستعان على ذلك