عن بقاء رجال الدين بلا زواج؛ ويقول إن الرهبان وحدهم هم المسيحيون الحقيقيون المبرءون من الملك والشهوات، والكبرياء؛ ويدعو جيروم الناس كافة، ببلاغة لو سمعها كسنوفا Casanova لتعلق به وصار من أتباعه، لأن يخرجوا عن كل مالهم ويتبعوا المسيح؛ ويطلب إلى الأمهات أن يهبن أول أبنائهن إلى الله، لأن أولئك الأبناء من حقه عليهن حسب نص الشريعة (١٦)؛ وينصح صديقاته من النساء أن يعشن عذارى في بيوتهن إذا تعذر عليهن أن يدخلن الدير. ويكاد جيروم أن يعد الزواج من الخطايا ويقول:"إني لا أمدح الزواج إلا لأنه يأتيني بالعذارى (١٧)، ويريد أن "يقطع بفأس البكورية خشب الزواج" (١٨)؛ ويفضل يوحنا الرسول الأعزب على بطرس الذي تزوج (١٩). وأظرف رسائله كلها هي التي كتبها إلى فتاة (٣٨٤) تدعى أوستكيوم Eustochium في لذة البكورية، ويقول فيها إنه لا يعارض في الزواج، ولكن الذين يتجنبونه ينجون من سدوم Sodom ومن آلام الحمل، وصراخ الأطفال، ومتاعب البيوت، وعذاب الغيرة. وهو يعترف بأن طريق العفة شاق أيضاً، وأن ثمن البكورية هو اليقظة الدائمة:
"إن فكرة واحدة قد تكفي لضياع البكورية … فليكن رفاقك هم صفر الوجوه الذين هزلت أجسامهم من الصوم … وليكن صومك حادثاً يتكرر في كل يوم، اغسلي سريرك، ورشي مخدعك كل ليلة بالدموع … ولتكن عزلة غرفتك هي حارسك على الدوام … ودعي الله عريسك هو الذي يلعب معك في داخلها … فإذا غلبك النوم جاءك من خلف الجدار، ومد يده من خلال الباب، ومس بها بطنك، فصحوت من النوم وقمت واقفة وناديته "إني أهيم بحبك" فتسمعينه يقول: إن أختي، حبيبتي، جنة مغلقة، وعين ماء غير مفتوحة، وينبوع مختوم"(٢٠).
ويقول جيروم إنه لما نشرت هذه الرسالة: "حياها الناس بوابل من