بالشعر رداً على دفاع سيماكوس عن تمثال النصر. وفي هذه القصيدة الأخيرة وجه إلى هونوريوس تلك الدعوة الحارة الذائعة الصيت، التي أهاب فيها أن يمنع معارك المجالدين. ولم يكن يكره الوثنيين، بل إنا لنجد في أقواله ألفاظاً طيبة عن سيماكوس، وعن يوليان نفسه، وكان يرجو أبناء دينه المسيحيين ألا يتلقوا أعمال الوثنيين الفنية. وكان يشارك كلوديان في إعجابه بروما، ويثلج صدره أن يستطيع الإنسان التنقل في معظم أنحاء علام الرجل الأبيض وهو خاضع لقوانين واحدة آمن على حياته أينما حل، "نعيش زملاء مواطنين كنا"(٢٨). وإنا لنجد في أقوال هذا الشاعر المسيحي آخر أصداء أعمال روما المجيدة وسيادتها.
ولم يكن أقل مفاخر روما أن أصبحت لغالة في ذلك الوقت حضارة من أرقى الحضارات. فقد كان في القرن الرابع أساقفة عظام لا يقلون شأناً عن أوسنيوس وسيدونيوس في عالم الأدب، نذكر منهم هيلاري البواتييري Hilry Of Poitiers وريمي الريمسي Remi Of Rrims ويفرونيوس الأوتوني Eyphaonius Of Autuni، ومارتن التوري Martin Of Tours. وكان هيلاري المتوفى حوالي عام (٣٦٧) من أنشط المدافعين على قرارات مجمع نيقية وقد كتب رسالة من اثنتي "عشرة مقالة" حاول فيها أن يشرح عقيدة التثليث. ولكننا نراه في كرسيه المتواضع في بواتييه يحيا الحياة الصالحة الخليقة بالرجل المسيحي المخلص لدينه -يستيقظ في الصبح الباكر، ويستقبل كل قادم عليه، ويستمع للشكليات، ويفصل في الخصومات، ويتلو القداس، ويعظ، ويعلم، ويملي الكتب والرسائل، ويستمع في أثناء وجبات الطعام لقراءات من الكتب الدينية، ويقوم في كل يوم ببعض العمال اليدوية كزرع الأراضي أو نسج الثياب للفقراء (٢٩). وكان بسيرته هذه يمثل رجل الدين الصالح أصدق تمثيل.
وقد خلف القديس مارتن St. Martin شهرة أوسع من شهرة هؤلاء جميعاّ. ففي فرنسا الآن ٣٦٧٥ كنيسة و ٤٢٥ قرية تسمى كلها باسمه. وقد ولد في بتونيا