للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضرائب فادحة لا آخر لها على الذين أنهك الجوع والكدح أجسامهم طوال حياتهم، ثم يفرضون عليهم فوق ذلك خدمات لا طاقة لهم بها … يرغمونهم على العمل طوال فصل الشتاء في البرد والمطر، ويحرمونهم من النوم ويرسلونهم إلى بيوتهم محرومين من كل شئ …

وإن ما يقاسيه أولئك الرجال على أيدي عمال الملاك من عذاب، وضرب، وما يرغمون على أدائه من ضرائب فادحة، وخدمات خالية من الرحمة، لا شدّ عليهم من ألم الجوع. ومنْذا الذي يستطيع إحصاء الوسائل التي يلجأ إليها أولئك الوكلاء لاستخدام المستأجرين في جر المغانم لهم ثم حرمانهم من ثمار كدحهم؟ فهم يديرون بقوة عضلاتهم مما يمتلكه أولئك الوكلاء من معاصر الزيتون، ولكنهم لا ينالون نصيباً مهماً قلَ مت الزيت الذي يرغمون على تعبئته في الزجاجات أولئك الوكلاء ظلماً وعدواناً؛ وهم لا يؤجرون على عملهم هذا إلا أجراً ضئيلاً".

وبعد، فأن جماعة المصلين في الكنائس يحبون أن يؤنبوا، ولكنهم لا يحبون أن يقوموا. ومن أجل هذا ظلت النساء يتعطرن، وظل الأغنياء يقيمون المآدب الفخمة، وظل رجال الدين منهمكين في شئونهم النسائية الخاصة، وبقيت دور التمثيل تعرض مناظرها المألوفة؛ وسرعان ما وقفت كل طائفة في المدينة، عدا الفقراء الذين لا حول لهم ولا طول، تعارض الرجل ذا الفم الذهبي. وكانت الإمبراطورة يودكسيا زوجة أركاديوس تتزعم الطائفة المتنعمة من أهل العصمة في حياة الترف. وقد فسرت إحدى العبارات الواردة في مواعظ يوحنا بأنها تشير إليها هي، وطلبت إلى زوجها الضعيف أن يعقد مجلساً دينياً لمحاكمة البطريق. وأجابها الإمبراطور إلى طلبها، وعقد في عام ٤٠٣ مجلس من أساقفة الشرق في خلقيدون. ورفض يوحنا المثول أمامه محتجاً بأنه يجب ألا يحاكم أمام أعدائه. فقرر المجلس خلعه، وذهب الرجل إلى المنفى في هدوء، ولكن