للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأنوشروان ("الروح الخالدة"). ولما أن ائتمر به اخوته الأكبر منه سناً ليخلعوه قتل اخوته جميعاً، وقتل جميع أبنائهم عداً واحداً منهم. ولقبه رعاياه "بالعادل"، ولعله يستحق هذا اللقب إذا فرقنا بين العدالة والرحمة. ويصفه بروكبيوس بأنه كان "بارعاً إلى أقصى حد في تصنع التقى" وفي نكث العهد (٤١) ولكن بروكبيوس من ألد أعدائه. ويثنى الطبري المؤرخ الفارسي الأصل على "نفاذ بصيرته، وعلمه، وذكائه، وشجاعته، وحصافة رأيه" وينطقه بخطبة ألقاها أول ما جلس على العرش، وهي خطبة قد أحسن المؤرخ اختراعها إن لم يكن صادقاً في نسبتها إليه (٤٢). ونظم كسرى الحكومة كلها على أساس جديد وأختار أعوانه لكفايتهم بصرف النظر عن طبقتهم، ورفع منزلة بزرجمهر مربي ولده فجعله من كبار وزرائه، وقد طبقت شهرة هذا الوزير الآفاق. واستبدل بجنود الإقطاع الغير مدربين جيشاً نظامياً دائماً حسن النظام كامل العدة، وأنشأ نظاماً عادلاً للضرائب، وجمع القوانين الفارسية ونظمها، وأنشأ الترع والجسور لإصلاح نظام الري ومد المدن بالماء، وأصلح الأراضي لبور بأن أمد أصحابها بالماشية، والآلات والبذور. وشجع التجارة ووسع نطاقها بإنشاء الجديد من الطرق والجسور، وإصلاح ما كان قائماً منها وتعهده، وقصارى القول أنه بذل جهوده العظيمة كلها في خدمة الشعب والدولة. وشجع الزواج -أو أرغم الناس عليه إرغاماً- لاعتقاده أن بلاد الفرس في حاجة إلى المزيد من الناس لحرث أرضها وحماية تخومها. وحمل العزاب على الزواج بأن وهب البائنات للزوجات، وأمر بتعليم أبنائهم على نفقة الدولة (٤٣). وكان يربي الأطفال اليتامى والفقراء ويعلمهم وينفق عليهم من أموال العامة، ويعاقب المرتدين عن الدين بالإعدام، ولكنه كان يسمح بانتشار المسيحية حتى بين حريمه. وقد قرب إليه الفلاسفة، والأطباء، والعلماء، من بلاد الهند واليونان، وكان يسره أن يبحث معهم مشاكل الحياة، والحكم، والموت. وكان من الموضوعات التي دار حولها البحث ذلك السؤال: