للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهجرة القبائل الجرمانية إلى الولايات الرومانية التي غزتها هذه القبائل، وشملت الهجرة الرجال والنساء …

وبفضل هذه الهجرة والتسري أصبح عدد العرب في بلاد الشام وفارس نصف مليون نسمة قبل أن يحل عام ٦٤٤. ونهى عمر الفاتحين عن شراء الأرض وفلحها، وكان يرجو أن يبقوا في خارج جزيرة العرب طبقة عسكرية، تمدهم الدولة بما يكفيهم، لكي يحتفظوا بصفاتهم الحربية، غير أن أوامره في هذا قد أغفلت بعد موته، بل إنها كاد يقضي عليها سخاؤه في أثناء حياتهِ؛ ذلك أنه كان يوزع أربعة أخماس الفيء على الجيش، ويخص بيت المال بالخمس الباقي. ولم تلبث أقلية الرجال ذوي العقول الكبيرة أن جمعت معظم الطيبات من هذه الثروة العربية الآخذة في النماء، وأخذ أشراف قريش يشيدون القصور الفخمة في مكة والمدينة، فكان للزبير بيوت في عدة مدن مختلفة، وكان يمتلك ألف جواد، وعشرة آلاف عبد؛ وكان عبد الرحمن يمتلك ألف بعير، وعشرة آلاف رأس من الضأن، وأربعمائة ألف دينار (١. ٩١٢. ٠٠٠ دولار) وكان عمر ينظر بحسرة وأسى إلى هذا الترف الذي أخذ مواطنوه يتردون فيه.

وطعنه مولى فارسي وهو يؤم الصلاة في المسجد (٦٤٤)، ولم يستطع عمر وهو على فراش الموت أن يقنع عبد الرحمن بأن يكون خليفة من بعدهِ فعين ستة من زعماء المسلمين ليختاروا من يخلفه، فاختاروا من بينهم عثمان. وكان عثمان بن عفان شيخاً مسناً، طيب القلب، حسن النية، أعاد بناء مسجد المدينة وجمله، وأعان بماله جيوش المسلمين التي نشرت الإسلام في هيرات، وكابل، وبلخ، وتفليس، وفي ربوع آسية الصغرى حتى البحر الأسود، ولكنه لسوء حظه كان شديد الولاء لأشراف بني أمية الذين كانوا في أيام الإسلام الأولى ألد أعداء النبي، فأقبل بنو أمية على المدينة ليجنوا ثمار قرابتهم للخليفة، ولم يكن في وسعه أن يقاوم مطالبهم. ولم يلبث أن تولى بعض المناصب المجزية أكثر من عشرة منهم كانوا يسخرون