ويستمع إلى غيره من الشعراء والموسيقيين، ويخصص من كل يومين يوماً للمنادمة (١٣).
وخلفه أخوه سليمان (٧١٥ - ٧١٧)، فأضاع المال والرجال في محاولة فاشلة للاستيلاء على القسطنطينية. وسلى نفسه بالطعام والنساء، ولم يذكره الناس بخير إلا لأنه أوصى بالخلافة لأبن عمه عمر بن عبد العزيز (٧١٧ - ٧٢٠). واعتزم عمر أن يكفر في خلافته عن جميع ضروب الفساد التي ارتكبها أسلافه من خلفاء بني أمية. فجعل حياته كلها وقفاً على إحياء شعائر الدين ونشره فتقشف في لباسه، وارتدى الثياب المرقعة حتى لم يكن أحد يظن أنه هو خليفة المسلمين، وأمر زوجته بأن ترد إلى بيت المال ما أهداه إليها والدها من الحلي النفيسة فُصدعت بالأمر، وأبلغ أزواجه أن واجبات الحكم ستُشغله عن الالتفات إليهن وأذِن لم شئن منهن أن يفارقنه. ولم يلتفت إلى الشعراء، والخطباء، والعلماء الذين كانوا يعتمدون في معيشتهم على بلاط الخليفة، بل قرب إليه أتقى العلماء في الدولة وأتخذهم له أعواناً ومستشارين. وعقد الصلح مع الدول الأجنبية، وأمر برفع الحصار عن القسطنطينية وعودة الجيش الذي كان يحاصرها، واستدعى الحاميات التي كانت قائمة في المدن الإسلامية المعادية لحكم الأمويين. وبينما كان أسلافه من خلفاء الأمويين لا يشجعون غير المسلمين في بلاد الدولة على اعتناق الإسلام، حتى لا تقل الضرائب المفروضة عليهم، فإن عمر قد شجع المسيحيين، واليهود، والزرادشتيين على اعتناقه، ولما شكا إليه عماله القائمون على شؤون المال من هذه السياسة ستفقر بيت المال أجابهم بقولهِ:"والله لوددت أن الناس كلهم أسلموا حتى نكون أنا وأنت حراثين نأكل من كسب أيدينا"(١٤).
ولما أراد بعض مستشاريه أن يقفوا حركة الدخول في الإسلام بأن حتموا الختان على معتنقيه فعل عمر ما فعله القديس بولس من قبل، فأمرهم بالاستغناء