للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الختان. ثم فرض قيوداً شديدة على من امتنعوا عن الإسلام، فحرم عليهم مناصب الدولة، ومنعهم من بناء معابد جديدة، ودامت خلافته أقل من ثلاث سنين مرض بعدها ومات.

وكان يزيد الثاني (٧٢٠ - ٧٢٤) يختلف كل الاختلاف في أخلاقه وعاداته عن عمر بن عبد العزيز. كان يزيد يحب جارية تُدعى حبيبة بقدر ما كان عمر يُحب الإسلام. وكان قد ابتاعها في شبابه بأربعة آلاف قطعة من الذهب، وأرغمه أخوه سليمان، وكان هو الخليفة في ذلك الوقت أن يردها إلى بائعها، ولكن يزيد لم ينس جمالها وحنانها؛ فلما ولي الخلافة سألته زوجته هل بقي له شيء في العالم يرغب فيه؟. فأجابها "حبيبة" فبعثت زوجته الوفية من فورها إلى حبيبة، وأهدتها إليه، وانزوت هي في مجاهل الحريم ويروى أنه بينما هو يلهو مع حبيبة في يوم من الأيام إذ ألقى أثناء لهوه ببذرة عنب في فمها، فاختنقت وماتت بين ذراعيه. وحزن عليها يزيد حزناً مات من أثره بعد أسبوع من وفاتها.

وحكم هشام (٧٢٤ - ٧٤٣) الدولة سبعة عشر عاماً حكماً عادلاً سادت فيه السلم، وأصلح في خلاله الشؤون الإدارية، وخفض الضرائب، وترك بيت المال بعد وفاته مليئاً بالأموال. ولكن فضائل القديس قد تكون سبباً في القضاء على الحاكم: فقد منيت جيوش هشام بعدة هزائم، وثار نقع الفتنة في الولايات، وعم الاستياء العاصمة التي كانت تتوق إلى خليفة مبذر متلاف. وجاء من بعده خلفاء جللوا بالعار تلك الأسرة التي امتاز خلفاؤها الأولون بالقدرة والمهارة، فعاشوا عيشة الترف والفساد، وأهملوا شؤون الحكم. فكان الوليد الثاني (٧٣٤ - ٧٤٤) فاسد الخلاق، خارجاً على قواعد الدين، منغمساً في الشهوات البدنية، ولما سمع بنبأ وفاة عمه هشام سره النبأ أيما سرور، وقبض على ابن هشام نفسه، وصادر أموال أهل الخليفة المتوفى، وبدد أموال الخزانة بحكمه الفاسد، وهباته التي لا حد