للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العالم الإسلامي. وكان سيف الدولة الحمداني (٩٤٤ - ٩٦٧) شاعراً بليغاً، اجتمع في بلاطه في حلب الفيلسوف الفارابي، والشاعر العظيم المتنبي أحب الشعراء الأقدمين إلى قلوب الأدباء العرب. واستولى بنو بويه أبناء أحد زعماء البلاد الجبلية المجاورة لبحر الخرز على أصفهان وشيراز، ثم استولوا آخر الأمر على بغداد نفسها في عام ٩٤٥. وظل الخلفاء أكثر من مائة عام يأتمرون بأمرهم حتى لم يكن أمير المؤمنين أكثر من رئيس لأهل السنة من المسلمين، بينما كان الأمير البويهي الشيعي هو المسيطر على شؤون الدولة الآخذة رقعتها في النقصان. ونقل عضد الدولة أعظم أمراء بني بويه (٩٤٩ - ٩٨٣) عاصمته إلى شيراز وهي مدينة من أجمل مدن الإسلام، ولكنه كان ينفق المال بسخاء على غيرها من مدن مملكته، واستعادت بغداد أيامه وأيام من خلفوه من الأمراء بعض ما كان لها من المجد في أيام هارون الرشيد.

وفي عام ٨٧٤ أقام أبناء سامان، وهو شريف من أتباع زرادشت، أسرة سامانية حكمت خراسان وما وراء نهر جيحون حتى عام ٩٩٩. وفي عهد هذه الأسرة كانت بخارى وسمرقند مركزين للعلوم والفنون تنافسان فيهما بغداد نفسها، وإن لم يكن من عادتنا إذا ذكرنا هذا الإقليم أن نعده ذا شأن عظيم في تاريخ العلوم والفلسفة. وعادت اللغة الفارسية فيه إلى الحياة وأصبحت أداة للتعبير عن أدب راق عظيم. وبسط السامانيون رعايتهم على ابن سينا أعظم فلاسفة العصور الوسطى جميعها، وفتحوا له أبواب مكتبة بلادهم العظيمة الغنية بما فيها من المؤلفات، وأهدى الرازي أعظم أطباء العصور الوسطى إلى أحد الأمراء الأمراء السامانيين كتابه المنصوري وهو كتاب جامع ضخم في الطب. ثم استولى الأتراك في عام ٩٩٠ على مدينة بخارى وقضوا في عام ٩٩٩ على الأسرة السامانية. فقد كان المسلون في ذلك الوقت يحاربون ليقفوا زحف الأتراك نحو الغرب، كما ظل الرومان ثلاثة قرون يحاربون ليصدوا زحف العرب، وكما كافح الترك فيما بعد