للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشاغل الاقتصادية والمنازعات الاجتماعية، وتآلفت قلوبهم من حيث لا يشعرون باشتراكهم في هذه الشعائر العامة.

والواجب الثاني المفروض على المسلم هو أداء الزكاة. لقد كان النبي ينظر إلى الأغنياء كما ينظر إليهم المسيح، ويقول بعضهم إنه بدأ حياته مصلحاً اجتماعياً اشمأزت نفسه مما رآه من الفروق الواسعة بين ترف طائفة التجار من الأشراف وفقر عامة الشعب، ويبدو أن معظم أتباعه في أول الأمر كانوا فقراء.

وكان من أول ما قام به من الأعمال في المدينة أن فرض ضريبة سنوية مقدارها اثنان ونصف في المائة على جميع الأملاك المنقولة، لمعونة الفقراء (١). وكان في الدولة الإسلامية موظفون مختصون يقومون بجمع الزكاة وتوزيعها على أصحابها. وكان جزء من حصيلتها ينفق في بناء المساجد، وفي أداء نفقات الحكومة وتجهيز الجيش. ولكن الحرب كانت تأتي بالغنائم التي تزيد كثيراً من نصيب الفقراء. وما أكثر ما يُروى من قصص المسلمين الأسخياء الذين جادوا بأموالهم على الفقراء، فالحسن بن عليّ مثلاً يُروى عنه أنه قسم ماله بينه وبين الفقراء ثلاث مرات في حياته وأنه في مرتين وهبهم كل ما يملك.

والواجب الثالث على المسلمين وهو صوم رمضان. ونقول هنا إن الخمر، والميتة، والدم، ولحم الخنزير، والكلب، محرمة بوجه عام على المسلمين، ولكن الإسلام من هذه الناحية أقل صرامة من اليهودية، فهو يبيح أكل الطعام المحرم عند الضرورة، وسُئل محمد مرة عن جبن لذيذ يحتوي على لحم محرم، فقال


(١) فرضت الزكاة بالمدينة حقاً وفي السنة الثانية من الهجرة، ولكنها لا تسمى ضريبة بل تسمى "زكاة" ومعنى الزكاة في اللغة: الطهارة والنماء والبركة، وإخراج المقدار الواجب شرعاً يطهر به مال المزكي وينميه حقاً. أما المقدار الذي ذكره المؤلف وهو اثنان ونصف في المائة فهو زكاة المال النقدي، وفي سائر الأموال كالزرع والثمار والحيوان مقادير أخرى محددة معروفة في كتب الفقه. (ي)