للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للسائل: "اذكروا اسم الله عليه وكلوا" (١). وكان يكره الزهد الشديد ويحرم الرهبنة على المسلمين (سورة الأعراف ٣٢) فقد أحل للمسلمين أن يستمتعوا بالحلال من طيبات الحياة على شريطة ألا يسرفوا فيها. ولكن الإسلام كغيره من الأديان يدعو المسلمين إلى الصوم ليقوي بذلك إرادتهم من جهة ولتصح به أجسامهم من جهة أخرى. وكان النبي بعد أن أقام في المدينة بضعة أشهر قد رأى اليهود يصومون صومهم السنوي فأمر أتباعه أن يحذوا حذوهم لعله بذلك يستميلهم إلى الإسلام، فلما تبين أنه لم يستملهم إليه استبدل به صوم رمضان فإذا أهل هذا الشهر وعدته تسعة وعشرون يوماً في بعض السنين وثلاثون في بعضها الآخر أمسك المسلمون في أثناء النهار عن الطعام والشراب، والتدخين وعن الصلات الجنسية. وأبيح الإفطار للمرضى، والمسافرين المتعبين، والصغار، والشيوخ الضعاف، والحاملات والمراضع، ولما فرض الصيام في أول الأمر كان شهر رمضان في فصل الشتاء حين يقصر النهار، ولكن رمضان يقع في فصل الصيف كل ثلاث وثلاثين سنة، فيطول ويشتد الظمأ في حر البلاد الشرقية حتى يكوم أشبه شيء بالعذاب. ولكن المسلم الصالح يتحمل الصيام. ويفطر المسلمون أثناء الليل فيأكلون، ويشربون، ويدخنون، ويباشرون النساء حتى مطلع الفجر، وتظل المخازن والحوانيت مفتحة الأبواب طوال الليل يؤمها الجماهير ليأكلوا ويستمتعوا، والفقراء يعملون كعادتهم في أيام الصوم، أما الأغنياء ففي وسعهم أن ييسروا الأمر على أنفسهم بالنوم في أثناء النهار.

ويقضي الأتقياء الصالحون الليالي العشر الأخيرة من رمضان في المساجد


(١) عن ابن عباس قال: جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في غزاة فقال: أين صنعت هذه؟ قالوا: بفارس، ونحن نرى أنه يجعل فيها ميتة، فقال: اطعنوا فيها بسكين؛ واذكروا اسم الله وكلوا. رواه أحمد والبزاز والطبراني؛ وواضح هنا أن ذلك كان لضرورة وهي الغزاة. (ي)