للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهم يعتقدون أن القرآن قد نزل على النبي في إحدى هذه الليالي، ولهذا فإن هذه الليلة عندهم خير من ألف شهر، وإذ كانوا لا يعرفون أي الليالي هي ليلة القدر فإن كثيراً من المسلمين يحبونها كلها. فإذا انقضى شهر رمضان احتفل المسلمون بعيد الفطر، فيستحمون، ويلبسون ثياباً جديدة، ويهنئ به بعضهم بعضاً، ويخرجون الزكاة، والهدايا ويزورون قبور الموتى.

والواجب الرابع المفروض على المسلمين هو الحج. ولقد كان الحج إلى الأماكن المقدسة من السنن المألوفة في بلاد الشرق، فكان اليهود يأملون أن يروا صهيون في يوم من الأيام كما كان الصالحون من العرب عبدة الأوثان قبل النبي بزمن طويل يحجون إلى الكعبة، وأقر الإسلام هذه السنَّة القديمة، وكان هذا الإقرار من الأسباب التي ساعدت على انتشار الإسلام في جميع أنحاء الجزيرة العربية. وبذلك أصبحت الكعبة، بعد أن طهرت من الأصنام، بيت الله. وفرض على كل مسلم (عدا المرضى والفقراء) أن يحجوا إليها، كلما استطاعوا (١)، ولكن سرعان ما فسر هذا بأنه يعني مرة في العمر، ولما أن انتشر الإسلام في أطراف العالم اقتصر أداء هذه الفريضة على قلة منهم، وفي مكة نفسها بعض المسلمين الذين لم يزوروا الكعبة قط.

وقد وصف دوتي Donghty، وصفاً لا يضارعه في روعته وصف سواه، منظر قافلة الحجاج وهي تجتاز الصحراء في حر الشمس اللافح، ولهيب الرمال المحرقة، وتتألف من سبعة آلاف من المؤمنين أو أقل أو أكثر من هذا العدد، راجلين


(١) لم يفرض الحج إلا مرة واحدة في العمر. (ي) ولعل المؤلف قد أخذ قوله هذا من إضافة "مَن استطاع إليه سبيلاً" إلى الركن الخامس من أركان الإسلام؛ وهو فهم خاطئ بلا شك؛ إذ المقصود بهذه العبارة أن يؤدي الفريضة من يستطيع؛ أي من تمكنه من أدائها حالته الصحية وموارده وغيرها من ظروفه. "المترجم"