أن من الأيام ما هو سعد ومنها ما هو نحس، وأن الأحلام قد تنبئ عن المستقبل، وأن الله قد يتحدث إلى الإنسان في الأحلام. ويؤمن العامة في مختلف بلاد الإسلام كما يؤمن أمثالهم في مختلف البلاد المسيحية بالتنجيم؛ فقد رسمت خرائط السماء، ولم يكن الغرض من رسمها مقصوراً على معرفة اتجاه القبلة في المساجد وتحديد أيام الأعياد الدينية، بل كان يقصد منه فوق هذا وذاك اختيار الوقت المناسب لكل عمل خطير، ومعرفة طالع كل فرد، أي خلقه ومصيره كما تدل عليه النجوم التي كانت في السماء وقت مولده.
والدين الإسلامي (١)، وإن بدا للعالم الخارجي وحدة قوية شاملة خالية من الفروق في شعائره وعقائده، قد انقسم من أقدم العهود شيعاً لا تقل في عددها أو شدة اختلافها عن الشيع المسيحية. ومن هذه الشيع الخوارج ذوو النزعة الحربية المتزمتة الديمقراطية، ومنها المرجئة التي تعتقد أن المسلم لا يقضي عليه بالعذاب الدائم في الدار الآخرة، والجبرية التي تنكر حرية الإرادة، وتعتقد أن الإنسان مسير في كل شيء وفق ما قدر له منذ الأزل، والقدرية التي تؤمن بحرية الإرادة وتدافع عنها، ومنها غير هذه شيع كثيرة لا حاجة بنا إلى الوقوف عندها. وحسبنا أن نُحيّي فيها إخلاصها لمبادئها وسعة علمها. لكن منها فرقة كان لها شأن عظيم في التاريخ، تلك هي طائفة الشيعة. فهؤلاء قضوا على الخلافة الأموية. واستولوا على بلاد الفرس ومصر، والهند الإسلامية، وكان لهم أعظم الأثر في الأدب والفلسفة. ونشأت طائفة الشيعة على أثر مقتل عليّ وولده الحسين وأسرته، فقد قالت فئة قليلة من المسلمين إن الله وقت أن اختار محمداً نبياً له ورسولاً، قد أراد من غير شك أن يكون أبناؤه الذين ورثوا بعض فضائله وأغراضه الروحية هم الوارثين لزعامة الإسلام. ولهذا فهم يرون أن جميع الخلفاء ماعدا علياً،
(١) يريد المسلمين فهم الذين انقسموا شيعاً؛ أما الدين نفسه فينهي عن هذه التفرقة "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لستَ منهم في شيء. المترجم