للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مغتصبون لا حق لهم في الخلافة. وقد اغتبطوا حين ولي عليّ الخلافة، وحزنوا لمقتله، وروعوا لمقتل الحسين. وأصبح عليّ والحسين بعد موتهما في رأيهم من أولياء الله الصالحين، وهم يعظمون ضريحيهما تعظيماً لا يفوقه إلا تعظيمهم للكعبة وقبر الرسول. ولعل طائفة الشيعة قد تأثرت بعقيدة الفرس واليهود والمسيحيين الخاصة بالمسيح المنتظر، وبفكرة البوذيين عن البدهستفاس-أي تجسد القديسين مراراً بعد موتهم-فقالت إن أبناء عليّ هم الأئمة الذين تتمثل فيهم الحكمة الإلهية. وهي ترى أن الإمام الرضا، ثامن أولئك الأئمة الذي يقوم ضريحه في مشهد بشمالي فارس "مجد العالم الشيعي". وقد حدث في عام ٨٧٣ أن اختفى الإمام الثاني عشر محمد بن حسن وهو في الثامنة عشرة، فاعتقد الشيعة أنه لم يمت، ولكنه سيعود في الوقت المناسب ليعيدهم إلى السلطان الشامل والسعادة الدائمة.

وكانت الفرق الإسلامية المختلفة تشعر بعضها نحو بعض بعداء (١) يفوق عداءها لمن يعيش في البلاد الإسلامية من الكفرة، شأنها في هذا شأن الفرق المختلفة في سائر الأديان (٢). ولقد كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون واليهود، والصابئون، يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زي ذي لون خاص وأداء فرضة عن كل شخص، تختلف باختلاف دخله وتتراوح بين دينار وأربعة دنانير (من ٤. ٧٥ إلى ١٩ دولاراً أمريكياً). ولم تكن هذه الضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح، ويعفى منها الرهبان


(١) إذا كان العداء قد استحكم في يوم من الأيام بين بعض الفرق والبعض الآخر فإنه لم يكن بالشدة التي يصفه بها المؤلف، ومهما يكن هذا العداء في الماضي فإنها الآن تعيش في وئام وقلما يعرف الرجل العادي إلى أي الفرق ينتمي زملاؤه ومواطنوه. (المترجم)
(٢) لا نعلم من تاريخ الإسلام وما نشأ فيه من فرق مختلفة، أن فرقة من هذه الفرق كانت تشعر نحو غيرها بعداء يفوق عدائها للكفرة الذين يعيشون في البلاد الإسلامية. (ي)