للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنساء والذكور الذين هم دون سن البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمى الشديد والفقر. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية أو إن شئت فقل لا يقبلون فيها-ولا تفرض عليهم الزكاة البالغ قدرها اثنين ونصف في المائة من الدخل السنوي، وكان لهم على الحكومة أن تحميهم، ولم تكن تُقبل شهادتهم في المحاكم الإسلامية، ولكنهم كانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم، وقضاتهم وقوانينهم، وكان تسامح الحكام المسلمين معهم يختلف باختلاف الأسر الحاكمة، فكان الخلفاء الراشدون أشداء عليهم (١)، وكان الأمويون يعاملونهم باللين بوجه عام، والعباسيون يعاملونهم باللين تارة وبالقسوة تارة أخرى. وقد أخرج عمر بن الخطاب اليهود والمسيحيين من جزيرة العرب لأنها أرض الإسلام المقدسة، وتعزو إليه إحدى الروايات غير المؤكدة "عهداً" قيد فيه حقوقهم بوجه عام، لكن هذا العهد، إن كان قد عُقد، قد أغفل العمل به، وظلت الكنائس المسيحية في مصر تتمتع في أيام هذا الخليفة بالميزات التي منحتها إياها الحكومة البيزنطية قبل الفتح العربي.

وكان اليهود في بلاد الشرق الأدنى قد رحبوا بالعرب الذين حرروهم من ظلم حكامهم السابقين، إلا أنهم في عهدهم قد فُرضت عليهم عدة قيود ولاقوا شيئاً من الاضطهاد من حين إلى حين، غير أنهم مع هذا كانوا يُعاملون على قدم المساواة


(١) من العجيب أن يذكر الكاتب أن الخلفاء الراشدين كانوا يعاملون بالشدة الذميين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية. إن الدين نفسه يجعل لهؤلاء الذميين كل ما لنا من حقوق ويجعل عليهم ما علينا من واجبات، والقرآن الكريم يحثنا على مودة المخالفين لنا في الدين ما داموا مسالمين. وعناية عمر بن الخطاب بعد الخليفة الأول أبي بكر الصديق بغير المسلمين من أهل الذمة معروفة غير خافية. لقد جعل للفقراء المحتاجين منهم ما يكفيهم هم وعيالهم من بيت المال. على أن الكاتب نفسه ذكر قبل ذلك بسطور أن أهل الذمة كانوا ينعمون في عهد الأمويين بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية في هذه الأيام، ومعروف أن الأمويين كانوا على عصبية شديدة أحياناً لغير العرب حتى ولو كانوا من الموالي المسلمين. (ي)