للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع المسيحيين، وأصبحوا مرة أخرى يتمتعون بكامل الحرية في حياتهم وفي ممارسة شعائر دينهم في بيت المقدس، وأثروا كثيراً في ظل الإسلام وفي آسية، ومصر، وأسبانيا، كما لم يثروا من قبل تحت حكم المسيحيين. وكان المسيحيون في بلاد آسية الغربية، خارج حدود الجزيرة العربية، يمارسون شعائر دينهم بكامل حريتهم، وبقيت الكثرة الغالبة من أهل بلاد الشام مسيحية حتى القرن الثالث الإسلامي. ويحدثنا المؤرخون أنه كان في بلاد الإسلام في عصر المأمون أحد عشر ألف كنيسة، كما كان فيها عدد كبير من هياكل اليهود ومعابد النار. وكان المسيحيون أحراراً في الاحتفال بأعيادهم علناً، والحجاج المسيحيون يأتون أفواجاً آمنين لزيارة الأضرحة المسيحية في فلسطين، وقد وجد الصليبيون جماعات مسيحية كبيرة في الشرق الأدنى في القرن الثاني عشر الميلادي ولا تزال فيه جماعات منهم إلى يومنا هذا. وأصبح المسيحيون الخارجون على كنيسة الدولة البيزنطية والذين كانوا يلقون صوراً من الاضطهاد على يد بطارقة القسطنطينية، وأورشليم، والإسكندرية، وإنطاكية، أصبح هؤلاء الآن أحراراً آمنين تحت حكم المسلمين الذين لك يكونوا يجدون لنقاشهم ومنازعاتهم معنى يفهمونه، ولقد ذهب المسلمون في حماية المسيحيين إلى أبعد من هذا، إذ عين والي إنطاكية في القرن التاسع الميلادي حرساً خاصاً ليمنع الطوائف المسيحية المختلفة من أن يقتل بعضها بعضاً في الكنائس. وانتشرت أديرة الرهبان وأعمالهم في الزراعة، وفي إصلاح الراضي البور، وكانوا يتذوقون النبيذ المعصور من عنب الأديرة، ويستمتعون في أسفارهم بضيافتها، وبلغت العلاقة بين الدينين في وقت من الأوقات درجة من المودة تبيح للمسيحيين الذين يضعون الصلبان على صدورهم أن يؤموا المساجد ويتحدثوا فيها مع أصدقائهم المسلمين. وكانت طوائف الموظفين الرسميين في البلاد الإسلامية تضم مئات من المسيحيين، وقد بلغ عدد الذين رقوا منهم إلى المناصب العليا في الدولة من الكثرة درجة أثارت شكوى المسلمين في بعض العهود. فقد كان سرجيوس والد القديس