للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الفور (٤٥). ولكن اللواط والسحاق رغم ما فُرض عليهما من العقاب الصارم أخذا ينتشران انتشاراً سريعاً حتى كانا كثيري الحدوث في بلاط هارون الرشيد، وفي قصائد شاعره المحبوب أبي نواس ولما يمضِ على زمن الهادي إلا بضعة أعوام. ذلك أن الرجل الذي حالت التقاليد بينه وبين النساء قبل الزواج، وملهن بعده، عمد إلى العلاقات الجنسية الشاذة، والمرأة التي حجبها أهلها عن جميع الرجال زلت هي الأخرى فسقطت فيما سقط فيه الرجل.

وكان اتصال العرب بالفرس من أسباب انتشار الحجاب واللواط في البلاد الإسلامية. لقد كان العرب قبل الإسلام يخشون مفاتن المرأة ويعجبون بها على الدوام، وقد ثأروا لأنفسهم من خضوعهم الغريزي لها بإثارة الشكوك التي يثيرها الذكور عادة حول فضية المرأة وقوة عقلها. وقد نصح عمر قومه باستشارة النساء ومخالفة مشورتهن (٤٦)، ولكن المسلمين في القرن الأول من التاريخ الهجري لم يحجبوا النساء، فقد كان الرجال والنساء يتبادلان الزيارات ويسيران في الشوارع جنباً إلى جنب، ويصليان معاً في المساجد (٤٧). وكانت عائشة بنت طلحة زوج مصعب بن الزبير لا تستر وجهها من أحد فعابها مصعب في ذلك فقالت "إن الله تبارك وتعالى وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفوا فضله عليهم، فما كنت لأستره، ووالله ما فيَّ من وصمة يقدر أن يذكرني بها أحد" (٤٨). ثم انتشر الحجاب ونظام الخصيان في أيام الوليد الثاني (٧٤٣ - ٧٤٤). وكان منشأ عادة عزلة النساء في بادئ الأمر تحريمهن على الرجال أيام الحيض والنفاس. وكان الزوج المسلم يدرك ما يتصف به الرجل في الشرق من شدة العاطفة وسرعة الانفعال، ويحس بالحاجة إلى حماية نسائه، ويرى أن يمنعهن من الغواية بحجزهن في البيوت، فحرم عليهن أن يسرن في الشوارع إلا مسافات قصيرة وهن محجبات، وكان في وسعهن أن تتزاورن، ولكن ذلك كان في العادة داخل هودج مسجف، ولم يكن أحد يراهُنَّ خارج البيوت أثناء الليل. وكان يفصلهن عن الرجال في