الإبرة؛ ومنهن من تبحرن في العلوم واشتغلن بالتدريس. واشتهر عدد منهن في أعمال البر المستنيرة. وكن يربين على الخفر اللائق بعاداتهن؛ فإذا فوجئن في الحمام أسرعن بتغطية وجوههن (١) وكن يدهشن عدم احتشام الأوربيات اللاتي يذهبن إلى المراقص وأنصاف صدورهن عارية، ويعانقن الكثيرين من الرجال أثناء الرقص؛ ويعجبن من رحمة الله الذي يمهل تلك النسوة الآثمات فلا يأخذهن بذنوبهن ويهلكهن لساعتهن (٥٢).
وكانت شؤون الزواج يتولاها الآباء، كما يتولونها في معظم البلاد المتمدنة، فقد كان من حق الوالد أن يزوج ابنته لمن أراده هو لها أن تبلغ سن الرشد؛ أما بعد هذه السنن فكان لها أن تختار. وكانت البنات يزوجن في العادة قبيل سن الثانية عشرة، ويصبحن أمهات في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة، ومنهن من كن يتزوجن في سن التاسعة أو العاشرة، كذلك كان الشبان يتزوجون عادة في سن مبكرة قد لا تزيد على الخامسة عشرة. وكان عقد الزواج ينص على أن يقدم الخطيب لخطيبته صداقاً يبقى لها طوال مدة الزواج وبعد الطلاق إن حدث. وقلما كان يسمح للعريس أن يرى وجه عروسه قبل الزواج. وكان يدخل بها بعد ثمانية أيام أو عشرة من عقده عليها، وليس الزواج في الحاجة إلى رجل من رجال الدين، ولكنه يصحبه دعاء قصير، ويصحبه في بعض الحيان موسيقى، ووليمة وبعض الهدايا، وإضاءة منزل العريس والشارع الذي هو فيه بالأنوار الساطعة. وبعد هذه الحفلات يدخل الزوج غرفة زوجته الخاصة ويرفع النقاب عن وجهها وهو يقول "بسم الله الرحمن الرحيم"(٥٣).
فإذا لم يرتح العريس لعروسه بعد هذا الاختبار المتأخر، كان في وسعه أ، يعيد الزوجة إلى بيتها هي ومؤخر صداقها. وكان معنى تعدد الزوجات
(١) لاشك أن هذه إحدى الفكاهات التي يلجأ إليها المؤلف في كثير من المواضع. (المترجم)