في الإسلام في أكثر الأحيان أن تتلو الواحد الأخرى، ولم يكن معناه الجمع بينهن في وقت واحد، ولم يكن يستطيع ذلك الجمع إلا ذوو الثراء (٥٤). وكانت سهولة الطلاق تمكن المسلم من أن يكون له ما يشاء من الأزواج واحدة بعد واحدة، ويقال أن ابن الطيب، وهو صباغ في بغداد، عاش إلى ان بلغ الخامسة والثمانين من العمر، وتزوج من تسعمائة زوجة (٥٦). وكان في وسع المسلم، فضلاً عن زوجاته، أن يكون له أي عدد من الجواري، وكان لهارون الرشيد عدد كبير منهن، وكان للمتوكل أكثر مما كان لهارون (٥٧)، وكان بعض تجار الرقيق يعلمون الجواري الموسيقى والغناء، وفنون فتنة الرجال، ثم يبيعونهن بأثمان عالية قد تصل إلى مائة ألف درهم (نحو ٨٠. ٠٠٠ دولار أمريكي)(٥٨). ولكن ليس من حقنا أن نظن أن بيت الحريم كان ماخوراً خاصاً. فقد كانت الجواري يصبحن في أغلب الأحيان أمهات، يفخرن بمن يلدن من الأبناء، وبعدد الذكور منهم، ولدينا شواهد كثيرة على ما كان بين الرجل وجاريته من الحب الصادق الأكيد. وكانت الزوجات الشرعيات يرتضين هذا النظام ويرينه من الأمور الطبيعية، فقد أهدت زبيدة إلى الرشيد عشر جوارِ (٥٩)؛ وكان البيت بمقتضى هذا النظام يحتوي من الأبناء بقدر ما تحتويه ضاحية لإحدى المدن الأمريكية. من ذلك أن أحد أبناء الولي الأول كان له ثمانون ولداً وعدد من البنات لم يذكره المؤرخون. واستتبع نظام الحريم وجود الخصيان، وإن كان هذا محرماً في الشريعة الإسلامية. واشترك المسيحيون واليهود في استيرادهم أو تهيئتهم، وكان الخلفاء، والوزراء، والكبراء يبتاعونهم بأثمان غالية، وسرعان ما أصبحت نواحٍ عدة من الحكومة الإسلامية خاضعة لنفوذ أولئك الخصيان المحدودي الكفاية. وكان من النتائج التي ترتبت على نظام الحريم في القرون الأولى التي تلت الفتوح الإسلامية أن منعت العرب من أن يمتصهم أهل البلاد