المفتوحة، وأن تضاعف عددهم إلى الحد الذي كانوا في حاجة إليه لحكم دولتهم المطردة الاتساع. ولربما كان لهذا النظام أثره في قوة أقدر الرجال على الإخصاب؛ ولكن تعدد الزوجات أصبح بعد عصر المأمون مصدراً للانحطاط من الناحيتين الخلقية والاجتماعية، كما أصبح بعد أن أربت نسبة زيادة السكان على زيادة الطعام، من أسباب تزايد الفاقة والسخط بين الأهلين.
وكان مركز المرأة بعد الزواج هو الخضوع إلى زوجها خضوعاً مصدره تقديس الرابطة الزوجية. والشريعة تحرم عليها أن يكون لها اكثر من زوج واحد في وقت واحد، ولم يكن في وسعها أن تطلق نفسها منه إلا بمشقة كبيرة، ثم أنها لم يكن لديها سبيل لمعرفة خيانة زوجها، ولم تكن هذه الخيانات مما يُعبأ به كثيراً من الناحية الأخلاقية. أما خيانتها هي فكان عقابها الموت. ويدهشنا أن نعرف كم من حوادث الزنى قد ارتكبته النساء رغم هذا العقاب الصارم والتضييق الشديد. وكانت المرأة تسب وتبجل، وتحقر وتقمع وتحب في معظم الأحيان حباً مصحوباً بعاطفة قوية وحنان، يقول أبو العتاهية إنه يفضل زوجته عن كل متع الحياة وعن كل ما في العالم من ثراء (٦٠). وأمثال هذا القول كثيرة وهي في بعض الأحيان صادقة. وكان مركز المرأة المسلمة يمتاز عن مركز المرأة في بعض البلاد الأوربية من ناحية هامة، تلك هي أنها كانت حرة التصرف فيما تملك لا حق لزوجها أو لدائنيه في شيء من أملاكها. وكانت في داخل بيتها الأمين تغزل وتنسج، وتطرز، وتدير بيتها، وتعنى بأبنائها، وتمارس بعض الألعاب، وتأكل الحلوى وتتحدث إلى أترابها، وتحيك الدسائس. وكان يُنتظر منها أن تلد لزوجها كثيراً من الأبناء ذوي الفائدة الاقتصادية في المجتمع الاقتصادي الأبوي، وكان ما تلقاه من إجلال يتناسب مع خصبها، وفي ذلك يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لحصير في ناحية البيت خيرٌ من امرأة لا تلد"(٦١). ومع هذا فإن الإجهاض ووسائل منع الحمل كانت كثيرة الانتشار في داخل البيوت. وكانت