بارزة في البحر، ويقول ناصر خسرو في عام ١٠٤٧ إن فيها خانات ترتفع خمس طبقات أوست، وإن فيها قدراً كبيراً من الثروة معروضاً في أسواقها النظيفة (٨١) وكان لطرابلس القائمة في شمالها مرفأ أمين جميل يتسع لألف سفينة. واشتهرت طبرية بياسمينها وبعيونها الحارة. وكتب ياقوت الرحالة المسلم في عام ١٢٢٤ عن الناصرة يقول:"فيها كان مولد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام! … وكان أهلها عيروا مريم فيزعمون أنه لم تلد قط عذراء طفلاً"(١).
ويصف اليعقوبي بعلبك بأنها أجمل بلدان الشام، ويضيف المقدسي إلى هذا أنها بلدة عظيمة الثراء. وكانت إنطاكية ثانية مدن الشام لا يفوقها في عظمنها إلا دمشق وحدها. وقد امتلكها المسلمون من عام ٦٣٥ إلى عام ٩٦٤، ثم استولى عليها البيزنطيون من ذلك التاريخ الأخير حتى عام ١٠٨٤. ويعجب الجغرافيون المسلمون بكنائسها الكثيرة الفخمة، وبما في بيوتها الجميلة من شرفات عالية، وبحدائقها وبساتينها الغناء، ويقولون إن الماء يدخل في كل بيت من بيوتها. وكانت طرسوس من كبريات المدن؛ ويقدر ابن حوقل (٩٧٨) عدد الذكور من سكانها بمائة ألف، وقد استعادها نقفور إمبراطور الروم في عام ٩٦٥، وهدم جميع ما فيها من المساجد، وحرق جميع المصاحف، وكانت حلب بلدة غنية لوقوعها عند ملتقى طريقين من طرق القوافل. ويصفها المقدسي بأنها مدينة غنية مبنية بالحجارة، ذات شوارع تظللها الأشجار، وتقوم على جانبها الحوانيت ويؤدي كل شارع منها إلى باب من أبواب المسجد وكان في هذا المسجد محراب اشتهر بما فيه من عاج وخشب محفور، ومنبر تبتهج العين لرؤيته وكان بالقرب منه خمسة مدارس، وبيمارستان، وست كنائس مسيحية. وكتب
(١) هذه هي ترجمة النص كما أورده المؤلف أما النص كما جاء في كتاب معجم البلدان لياقوت فهو" … وكان أهلها عيروا مريم فيزعمون أنه لا تولد بها بكر إلى هذه الغاية". (المترجم)