وأدخل أشور بانيبال نظام استخدام الفرسان لمعاونة المركبات، وكانت هذه البدعة ذات أثر حاسم في كثير من الوقائع (٢٣). وكانت أهم أدوات الحصار هي الكباش المسلحة مقدماتها بالحديد. وكانت أحيانا تعلق بالحبال في محاول، وتطوح إلى الوراء لتزيد بذلك قوتها، وأحيانا أخرى كانت تجري على عجلات. أما المحاصَرون فكانوا يحاربون من وراء الأسوار بالقذائف والمشاعل، والغاز الملتهب، والسلاسل التي يراد بها عرقلة الكباش، وأوعية من غازات نتنة تذهب بعقول الأعداء (٢٤) - وما أشبه اليوم مرة أخرى بالبارحة. وكانت العادة المألوفة أن تُدمّر المدينة المغلوبة وتُحْرق عن آخرها؛ وكان المنتصرون يبالغون في محو معالمها بتقطيع أشجارها (٢٥). وكان الملوك يكسبون ولاء جنودهم بتقسيم جزء كبير من الغنائم بينهم. وكانوا يضمنون شجاعتهم باتباع العادة المألوفة في الشرق الأدنى وهي اتخاذ جميع أسرى الحرب عبيدا أو قتلهم عن آخرهم. وكان الجنود يكافئون على كل رأس مقطوع يحملونه من ميدان القتال، ولهذا كانت تعقب المعركة في أغلب الأحيان مجزرة تقطع فيها رؤوس الأعداء (٢٦). وكثيرا ما كان الأسرى يقتلون عن آخرهم بعد الواقعة حتى لا يستهلكوا الكثير من الطعام وحتى لا يكونوا خطرا على مؤخرة الجيش أو مصدر متاعب له. وكانت طريقة التخلص منهم أن يركعوا متجهين بظهورهم إلى من أسروهم، ثم يضرب الآسرون رؤوسهم بالهراوات، أو يقطعونها بسيوفهم القصيرة. وكان الكتبة يقفون إلى جانبهم ليحصوا عدد من يأسرهم كل جندي ويقتلهم، ويقسمون الفيء منهم بنسبة قتلاهم؛ وكان الملك إذا سمح له وقته يرأس هذه المجزرة. أما الأشراف المغلوبون فكانوا يلقون شيئا من المعاملة الخاصة، فكانت تصلم آذانهم وتجدع أنوفهم، وتقطع أيديهم وأرجلهم، أو يقذف بهم إلى الأرض من أبراج عالية، أو تقطع رؤوسهم ورؤوس أبنائهم، أو تسلخ جلودهم وهم أحياء، أو تشوى أجسامهم فوق نار هادئة. ويلوح أن القوم لم يكونوا يشعرون بشيء من وخز