وفيها نساء يثرثرون في بيوت الحريم، أو يغازلن خلسة من وراء النوافذ. والموسيقى تنبعث من آلاف الآلات، والحفلات العجيبة تقام في القلعة، الحدائق العامة يفوح منها شذي الأزهار وتموج بالمتنزهين، والنهر العظيم والقنوات تسبح فيها سفائن النقل والركاب، وقوارب النزهة. هذه هي القاهرة المسلمة في العصور الوسطى (١).
لله بستان وما قضيت فيه من المآرب
لهفي على زمني به والعيش مخضر الجوانب
فيروقني والجو منه ساكن والقطر ساكب
ولكم بكرت له وقد بكرت له غر السحائب
والطل في أغصانه يحكى عقوداً في ترائب
وتفتحت أزهاره فتأرجحت من كل جانب
وبدا على جنباته ثمر كأذناب الثعالب
وكأنما آصاله ذهب على الأوراق ذائب
فهناك كم ذهبية لي في الولوع بها مذاهب
وتعاقبت على شمالي إفريقية في ذلك الوقت أسر كان لها هي الأخرى شأن عظيم، منها الزيرية (٩٧٢ - ١٠٤٨) وبنو حفص (١٢٢٨ - ١٥٣٤) حكام تونس، والحموديون (١١٣٠ - ١٢٦٩) في بلاد الجزائر، والمرابطون (١٠٥٦ - ١١٤٧) والموحدون (١١٣٠ - ١٢٦٩) أمراء مراكش. وفي
(١) نقل المؤلف الترجمة لهذه الأبيات عن كتاب القاهرة Cairo تأليف استانلي لين بول Stanley Lane Poole ونقلها لين بول عن بالمر. وقد رجعنا إلى كتاب بالمر بدار الكتب وهو ديوان البهاء زهير وترجمته العربية لهذا المستشرق والترجمة الإنجليزية غير دقيقة كل الدقة وهي في صفحتي ٨٢٧ من كتاب بالمر. (المترجم)