للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امتت في المسجد الحقيقي أي من مكان الصلاة-الذي كان يعلوه في ذلك الوقت على الدوام تقريباً قبة كبيرة-امتدت منه أربعة أجنحة لكل منها مآذنه الخاصة ومدخله الكثير الزخارف، وقاعاته الرحبة للمحاضرات. وقد جرت العادة في أغلب الأحيان أن يكون لكل مذهب من المذاهب الأربعة جناح خاص، ويقول أحد سلاطين ذلك الوقت في صراحة: إن ذلك يتيح الفرصة لوجود مذهب منها في القليل يؤيد أعمال الحكومة القائمة. وقد استمر هذا الانقلاب في العمارة في عهد المماليك فأنشئت الساجد والمقابر الضمة التينة من الحجارة، تحرسها أبواب قوية كبيرة من البرونز المشغول، وتضيؤها نوافذ ذات زجاج ملون؛ وتتلألأ فيها الفسيفساء، والنقوش المحفورة في الجص الملون، وقع القرميد التي قاومت حتى الآن عوادي الزمان والتي لم يعرف طريقة صنعها غير المسلمين.

وقد درست الآثار المعمارية السلجوقية فلم يبقَ منها إلا أقل من واحد في المائة، نذكر من هذه البقية القليلة مسجد آني في أرمينية، والمدخل الفخم لمدخل قونية، ومسجد علاء الدين الفخم، والمدخل الكهفي، والواجهة ذات النقوش الشبيهة بالتطريز في جامع سرتجيلي، ونذكر منها في بلاد النهرين مسجد الموصل الكبير، ومسجد المستنصر في بغداد، وفي فارس برج طغرل بك في الري وقبر سنجر في مرو، والمحراب المتلألئ في مسجد همذان، والقبة المضلعة والعقود الصغيرة الفذة في السجد الجامع بقزوين، والعقود الكبرى والمحراب في جامع الحيدرية، وليست هذه إلا قلة من الصروح التي بقيت حتى الآن شاهدة على ما بلغه السلاجقة من حذق في العمارة وما بلغه ملوكهم من سمو في الذوق. وأجمل من هذه كلها المسجد الجامع في إصفهان الذي لا يدانيه في بلاد الفرس كلها إلا مسجد الإمام الرضا في مشهد والذي أقيم بعد ذلك الوقت. ومسجد إصفهان هذا أروع الآيات الفنية كلها في عصر السلاجقة. وقد أقيمت أجزاء من هذا