نعرف منشأ هذا البحر، ولكنه يرجع إلى ما قبل زمن عمر الخيام بوقت طويل. ولم يكن هذا الشعر في الأدب الفارسي جزءاً من القصائد الطوال ولكن كل مقطوعة من مقطوعاته تكون وحدة مستقلة بذاتها، ومن ثم فإن الفرس الذين جمعوا الرباعيات لا يرتبونها حسب تتابع أفكارها، بل يرتبونها حسب قوافيها (٣٤). وتوجد الآن آلاف من الرباعيات الفارسية، معظمها لا يعرف قائله، ومنها ١٢٠٠ تُعزى إلى عمر الخيام فسه، ولكن كثيراً منها يُشك في أنها من قوله. ويرجع تاريخ أقدم مخطوط فارسي لرباعيات الخيام (وهو المخطوط المحفوظ في المكتبة البدلية Bodleian بأكسفورد) إلى عام ١٤٦٠ لا قبل. ويحتوي على ١٥٨ من هذه الرباعيات مرتبة ترتيباً أبجدياً (٣٥). وقد أمكن إثبات بعض هذه المقطوعات إلى شعراء قبل الخيام-بعضها إلى أبي سعيد، وواحدة منها إلى ابن سينا (٣٧). وإن من الصعب، إلا في حالات، أن نجزم بأن مقطوعة من المقطوعات التي تُعزى إلى الخيّام من أقواله حقاً (٣٨).
ولقد كان المستشرق الألماني فون همر Von Hammar أول من لفت نظر العالم الغربي إلى رباعيات الخيًّام في عام ١٨١٨، ثم ترجم إدوارد فتزجرلد Edward Fitzgerald في عام ١٨٥٩ خمساً وسبعين منها شعراً إنجليزياً رصيناً ممتازاً، فريداً في وعه. ومع أن ثمن النسخة من الطبعة الأولى من هذه الترجمة لم يكن يزيد على بنس واحد فإنها لم يقبل عليها إلا عدد قليل، ولكن طبعات أخرى متتالية أكبر من الأولى عدداً صدرت بعدئذ، وأفلحت في تعديل الصورة التي كانت في عقول الناس عن العالم الرياضي الفارسي حتى جعلته من أكثر الشعراء شهرة، وجعلت شعره من أكثر ما يقرأ من الشعر في العالم. ويرى العارفون بالأصل الذي ترجمه فزجرلد أن من بين المائة والعشر من المقطوعات التي ترجمها تسعاً وأربعين تعبر كل منها عن رباعية واحدة من الأصل الفارسي تعبيراً صادقاً أميناً وأن أربعاً وأربعين مأخوذة كل منها من رباعيتن أو أكثر