وأن اثنتين تنعكس "فيهما روح القصيدة الأصلية بأجمعها"، وأن ستاً مأخوذة من رباعيات توجد أصولها أحياناً ضمن رباعيات الخيام، ولكنها في أغلب الظن ليست له؛ وأن اثنتي ينطبع عليهما تأثر فتزجرلد بما قرأه لحافظ، وأن ثلاثة لا نجد لها أصلاً في أي نص فيما لدينا من نصوص رباعيات الخيام، ويبدو أنها من وضع فتزجرلد نفسه، وقد استبعدها هو في الطبعة الثانية (٣٩). ولسنا نجد في رباعيات الخيام ما يقابل المقطوعة الحادية والثمانين من ترجمة فتزجرلدد (٤٠) وهي التي تقول:
إنني أدعو يا من أنجما من خبيث التراب إنساناً نما
وبفردوس أدب الأرقما كيفما زل امرؤ أو أجرما
فاحبه وأسأله غفران الأنام (١)
أما فيما عدا هذه المقطوعات فإن الموازنة بين ترجمة فتزجرلد وبين الترجمة الحرفية للنص الفارسي تتجلى فيها على الدوام روح عمر. وهي أمينة على الأصل إلى الحد الذي يحق للإنسان أن يتوقعه من هذه الترجمة الشعرية. وقد كانت ترجمة فتزجرلد الدروينية السائدة في أيامه مما حمله على إغفال فكاهة الخيام الحلوة، وعلى توكيد ما في أقواله من نزعة مضادة للدين. ولكن المؤلفين الفرس الذي جاءوا بعد عمر الخيام بقرن واحد لا أكثر يخلعون عليه من الأوصاف ما يتفق كل الاتفاق مع أقوال فتزجرلد، فمرصد العباد (١٢٢٣) يصفه بأنه فيلسوف ملحد، مادي تعس. ويقول عنه القفي في تاريخ الحكماء (١٢٤٠) إنه لا نظير له في الفلك والفلسفة، ولكنه يصفه بأنه ملحد شديد الإلحاد، يضطره الحذر إلى أن يمسك لسانه، ويصفه أحد كتاب القرن الثالث عشر الميلادي بأنه رجل سيئ الخلق من أتباع ابن سينا، ويذكر كتابين للخيام في الفلسفة لا وجود لهما الآن. ويفسر بعض المتصوفة رباعيات عمر تفسيراً مبنياً على الاستعارات الصوفية