الخفية، ولكن الصوفي نجم الدين الرازي يطعن عليه ويقول إنه أكبر الملحدين في أيامه (٤١).
وكان عمر الخيام يرفض أقوال فقهاء الدين ويسخر منها على الدوام، ويفخر بأنه سرق أبسطة الصلاة من المساجد، ولعله قد تأثر بهذه النزعة بدراسته للعلوم الطبيعية، أو لعله كان فيها متأثراً بأقوال أبي العلاء المعري (٤٢). وقد قبل النزعة الجبرية السائدة عند المسلمين، وإذ كان يأمل في حياة غير الحياة الدنيا، فقد استولت عليه فلسفة متشائمة حاول أن يجد لنفسه منها سلوى في الدرس والخمر، فترى المقطوعتين السابعة بعد المائة والتي بعدها من المحفوظ في المكتبة البدلية تسموان بالسكر إلى مرتبة الفلسفة العالمية:
وحانة كنستها بشاربي وعالمين وليا عن غاربي
ما عاد لي بالشر إما حاق بي شأن ولا خيرهما إن ضاق بي
ودعها يا قلب عند ضارب بأكرة يرسلها لضارب
تجد أخاك نائماً كشارب سكران من هذى وتلك غائب
أشفقت إلا من كئوس الطلى لله ما أحلى وما أجملا
أن تشرب العقل فلا يعقلا وأن يجوب المرء هذا الفلا
وأعقله من كل شيء سلا بين سماك نافر وهلا (١)
(يريد من برج الحوت إلى الهلال أي من أحد رفي السماء إلى الطرف الآخر) وإذا عرفنا كم من شعراء الفرس يقولون في مدح الغيبوبة أقوالاً شبيهة بهذا القول، حق لنا نتساءل أليست هذه الأقوال الخمرية مجرد صورة من صور الأدب، ووقفة من مواقفه مثلها كمثل عشق هوراس للجنسين؟
(١) لم نجد هاتين المقطوعتين فيما هو مترجم من رباعيات الخيام، وقد تفضل صديقنا الأستاذ دريني خشبة مشكوراً فترجمها شعراً. (المترجم)