للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تكون مشجبا يعلق عليه علماء الآثار البواسل ما "يستعيدونه" بخيالهم من أشكال تلك العمائر القديمة. لقد كان الآشوريون كالبابليين الأقدمين والأمريكيين المحدثين لا ينشدون الجمال في مبانيهم بل كانوا ينشدون العظمة والفخامة وينشدونهما في ضخامة الأشكال. وجرى الآشوريون في عمائرهم على سنن الفن في أرض الجزيرة فاتخذوا اللبن مادة أساسية لمبانيهم، ولكنهم اختطوا لأنفسهم طريقة خاصة بهم، بأن اتخذوا واجهاتها من الحجارة أكثر مما فعل البابليون. وورث الآشوريون الأقواس والعقود من أهل الجنوب، ولكنهم أدخلوا عليها كثيرا من التعديل، وأجروا بعض التجارب على إقامة العمد، مهدوا بها السبيل للعمد التي في شكل النساء وللتيجان "الأيونية" اللولبية التي نشاهدها عند الفرس واليونان (٦٨). ولقد أقاموا قصورهم على مساحات واسعة من الأرض، وكانوا حكماء إذ لم يعلوا بها أكثر من طبقتين أو ثلاث طبقات (٦٩). وكان القصر يتألف عادة من عدد من الردهات والغرف تحيط بفناء هادئ ظليل. وكان يحرس مداخل القصور الملكية حيوانات مهولة من الحجارة، وتصف حول جدران الردهة القريبة من مدخل القصر وتعلق عليها نقوش غائرة وتماثيل تاريخية، وكانت تبلط بألواح المرمر، وتعلق على جدرانها أقمشة ثمينة مطرزة مزركشة، أو تكسى بالأخشاب النادرة الغالية وتحف بها حليات جميلة أما السقوف فكانت تقوى بكتل خشبية ضخمة، تغطى في بعض الأحيان برقائق من الفضة أو الذهب وتصور عليها من أسفلها بعض المناظر الطبيعية (٧٠).

وكان أعظم المحاربين الستة من ملوك أشور هم أيضا أعظم البنائين منهم. فقد أعاد تغلث فلاصر الأول بناء هياكل أشور بالحجارة، وقال عن واحد منها أنه "جُعل داخله متلألئاً كقبة السماء، وزين جدرانه حتى كانت في لآلئ النجوم المشرقة، وجعله فخا ذا سناء وبريق" (٧١). وكان الملوك الذين جاءوا من بعده أسخياء فيما وهبوه للمعابد، ولكنهم كانوا كسليمان يفضلون عليها قصورهم،