فقد شاد أشورناصربال الثاني في كلخ قصرا عظيما من الآجر المبطن بالحجارة، وزينه بالنقوش التي تمتدح التقوى والحروب. وقد كشف راسام عند بلاوات بالقرب من هذا الموضع عن بقايا بناء آخر عثر فيه على بابين كبيرين عظيمين من البرنز دقيقي الصنع (٧٢). وخلد سرجون الثاني ذكره بأن أقام قصرا فسيحا عند دور- شروكين "أي حصن سرجون" في موضع خراساباد الحالية. وكان على جانبي مدخله أثوار مجنحة، وعلى جدرانه نقوش وقرميد براق، وكانت حجراته الواسعة ذات آثار بديعة النقش والصنع، كما كانت تزينها تماثيل تبعث في النفس الروعة والمهابة. وكان سرجون كلما انتصر في واقعة جاء بالأسرى ليعملوا في هذا الصرح العظيم، وجاء بالرخام واللازورد، والبرنز، والفضة، والذهب ليجمله بها. وشاد حوله طائفة من الهياكل، وأقام من خلفه زجورات من سبع طبقات غطيت قمة أعلاها بالفضة والذهب. وشاد سنحريب في نينوى قصرا ملكيا سماه "المنقطع النظير" يفوق في ضخامته كل القصور القديمة (٧٣). وكانت جدرانه وأرضه تتلألأ فيها نفائس المعادن والأخشاب والحجارة، وكانت قراميده تنافس في بريقها آيتي النهار والليل؛ وصب له صناع المعادن آسادا وأثوارا ضخمة من النحاس، ونحت له المثالون أثوارا مجنحة من حجر الجير والمرمر، ونقشوا على جدرانه الأغاني الريفية. وواصل عسرهدن توسيع نينوى وإعادة ما تهدم من عمائرها، وفاقت مبانيه مباني من سبقوه جميعهم في روعتها وفي أثاثها وأدواتها المترفة الثمينة. فقد كانت اثنتا عشرة ولاية تقدم إليه حاجته من الموارد والرجال؛ ونقل إلى بلاده آراء جديدة عن العمد والنقوش عرفها أثناء إقامته في مصر؛ ولما أتم بناء قصوره وهياكله ملأها بالتحف التي غنمها من جميع بلاد الشرق الأدنى وبما رآه فيها من روائع الفن (٧٤).
وأسوأ ما يمكن أن يقال عن فن العمارة الآشورية أن قصر عسرهدن قد