السماح للمرابين بأن يتقاضوا رباً فاحشاً، ثم يلجئون من حين إلى حين إلى اعتصار هذه المكاسب من أصحاب المال. وكان المرابون يتحملون نفقات كبيرة في سبيل الحصول على أموالهم، وكثيراً ما كان الدائن يضطر إلى أداء الرشا للموظفين لكي يسمحوا له بالحصول على ما ماله (٥٩). وحدث في عام ١١٩٨ حين كانت أوربا تستعد للحرب الصليبية الرابعة أن أمر البابا إنوسنت الثالث Innocent III جميع الأمراء المسيحيين بإلغاء جميع فوائد القروض التي يطالب بها اليهود مدينيهم المسيحيين (٦٠). وأعنى لويس التاسع، ملك فرنسا القديس، جميع رعاياه من ثلث ما كانوا مدينين به لليهود لكي "يستنزل الرحمة على روحه وروح أسلافه"(٦١). وكان ملوك الإنجليز في بعض الظروف يصدرون خطابات إعفاء-يلغون بمقتضاها فائدة الدين أو رأس المال أو كليهما لرعاياهم-المدينين لليهود. ولم يكن من النادر أن يبيع الملوك هذه الخطابات، وأن يدونوا في سجلاتهم المبالغ التي حصلوا عليها نظير وساطتهم في هذا البر بالإنسانية (٦٢). وكانت الحكومة البريطانية تطلب أن ترسل إليها صورة من كل تعاقد على قرض، وأنشأت ديواناً خاصاً باليهود يجمع هذه العقود، ويراقبها، ويستمع غلى القضايا الخاصة بها؛ فإذا ما عجز صاحب مصرف يهودي عن أداء الضرائب أو المطالب المفروضة عليه، رجعت الحكومة إلى ما لديها من سجلات عن قروضه، وصادرتها كلها أو بعضها، وأنذرت مدينيه بأن يؤدوا إليها هي لا إليه ما عليهم من الديون (٦٣). ولما أن فرض هنري الثاني على سكان إنجلترا ضريبة خاصة في عام ١١٨٧، أرغم اليهود على أداء ربع أملاكهم، والمسيحيون على عشرها، وبذلك أدى اليهود وحدهم ما يقرب من نصف الضريبة كلها (٦٤). وكان اليهود في بعض الأحيان "هم الذين يمولون المملكة"(٦٥). وأمر الملك يوحنا في عام ١٢١٠ أن يزج في السجون يهود إنجلترا على بكرة أبيهم-رجالاً كانوا أو نساءً أو أطفالاً-ثم جمعت منهم ضريبة للملك بلغت ٦٦. ٠٠٠ مارك (٦٦)،