متفرقة منها ملاحظات يرد بها الأحبار الغضاب على نقد المسيحيين للدين اليهودي (١٨). ولكن دونين، وقد صار أكثر مسيحية من البابا نفسه، أضاف من عنده عدة تهم أخرى، لا يمكن إثباتها: منها أن التلمود يجيز غش المسيحي، ويحبذ قتله، مهما بلغ من صلاحه، وأن أحبار اليهود يجيزون لهم أن ينكثوا عهودهم التي أقسموا على الوفاء بها، وأن يقتلوا كل مسيحي يدرس الشريعة اليهودية. فما كان من جريجوري إلا أن أمر بأن يرسل إلى الرهبان الدومنيك أو الفرنسيس كل ما يمكن العثور عليه من نسخ التلمود في فرنسا، وإنجلترا، وأسبانيا، ثم أمر أولئك الرهبان بأن يفحصوا تلك الكتب بدقة وعناية، فإذا تبينوا أن هذه التهم صحيحة فليحرقوها. ولم نعثر فيما وصل إلينا من المعلومات المسجلة على ما حدث بعد ذا الأمر، ولكنا نعرف أن لويس التاسع أمر يهود فرنسا بأن يسلموا كل ما لديهم من نسخ التلمود وإلا كان جزاؤهم الإعدام، ثم استدعى أربعة من أحبارهم إلى باريس ليدافعوا عن الكتاب في نقاش علني أمام الملك، والملكة بلانش Blanche، ودونين، واثنين من الفلاسفة المدرسين-وليم الأوفرني William of Auvergne، وألبرتس مجنس Albertus Magnus (١٩) . ودام البحث ثلاثة أيام أمر بعدها الملك أن تحرق جميع نسخ التلمود (١٢٤٠)، وشفع ولتر كرنوتس Walter Cornutus كبير أساقفة سان Sens لليهود فأمر الملك بإعادة كثير من نسخ التلمود إلى أصحابها، فلما مات كبير الأساقفة بعد ذلك بقليل اعتقد بعض الرهبان أن موته هو حكم الله على لين الملك. واقتنع الملك برأيهم هذا فأمر بمصادرة جميع نسخ التلمود، فجيء بها إلى باريس محملة على أربعة وعشرين عربة وألقيت في النار (١٢٤٢). ثم صدر أمر بابوي في عام ١٢٤٨ يحرم تملك التلمود في فرنسا، وضعفت بعد ذلك دراسة التلمود والآداب العبرية في جميع أنحاء فرنسا عدا برفاتس.
وحدث مثل هذا النقاش في برشلونة عام ١٢٦٣، ذلك أن ريمند البنيافورتي