أو يفسرون الكتاب المقدس تفسيراً مجازياً-ولعله قد استبق بعمله هذا هجوم المسيحيين على الجماعات اليهودية بحجة أنها تحمي جماعة العقليين. ورد على هذا أنصار ابن ميمون بزعامة داود قمحي، ويعقوب بن مخير تبون بأن أقنعوا يهود لونل، وبزيير ونربونة في بروفانس، ويهود سرقسطة في أسبانيا بأن يحرموا سليمان وأتباعه من الدين. فلما فعلوا هذا خطا سليمان خطوة أجرأ من الأولى وأكثر منها إثارة للدهشة: ذلك أنه وشى إلى محكمة التفتيش في منبلييه بكتب ابن ميمون وقال إن فيها آراء خارجة على الدين شديدة الخطر على المسيحية وعلى اليهودية معاً. ووافقه الرهبان على رأيه وأحرقت جميع الكتب الفلسفية التي أمكن الحصول عليها في احتفال عام في منبلييه عام ١٢٣٤ وفي باريس عام ١٢٤٢ ثم أحرق التلمود نفسه في باريس بعد أربعين يوماً.
وأثارت هذه الحوادث حنق أنصار ابن ميمون ودفعتهم إلى أشد أعمال العنف، فقبضوا على كبار المشايعين لسليمان في منبلييه، واتهموهم بالوشاية بأبناء دينهم اليهود، وحكموا عليهم بقطع ألسنتهم؛ ويلوح أن سليمان نفسه قد قتل (٧٩). وندم الكوهن جناح على اشتراكه في إحراق كتب ابن ميمون فقدم إلى منبلييه، وكفر عن عمله هذا علناً في كنيسها، وحج تائباً إلى قبر موسى بن ميمون. ولكن الدون أستروك واصل الحرب باقتراحه أن يصدر الأحبار قراراً يحرم دراسة أي علم من العلوم النجسة. وأيده في هذا ابن نحمان وآشر بن يحيل، حتى إذا كان عام ١٣٠٥ أصدر سليمان بن أبراهام بن أردوط، الزعيم القوي المبجل ليهود برشلونة، قراراً بحرمان كل يهودي يعلم أي علم من العلوم غير الدينية ما عدا الطب، أو أية فلسفة غير يهودية، أو يجرؤ على دراسة شيء منها قبل أن يبلغ الخامسة والعشرين من عمره. وكان رد أحرار منبلييه أن حرموا كل يهودي يمنع